ناهض حتّر
في مقابلة له مع اسبوعية «المجد» الاردنية، يقرر الدكتور هشام غصيب ان «السيكولوجيا السائدة في المجتمع الاردني ترتبط بفقدان المواطن ثقته بنفسه وخجله الذي اصبح سمة وطنية». ويا للأسف انه لا يتابع، واعداً بالغوص في هذه الظاهرة لاحقاً، مكتفيا بإشارتين قد تفسرانها وهما: (1) المستوى المرتفع للقمع الاجتماعي والايديولوجي، و(2) تاريخ تشكيل المجتمع الاردني والدولة الاردنية. وهاتان إشارتان للبحث لا غير.
و«فقدان الثقة بالنفس»، عندي، غير «الخجل»… فالاخير قد ينطوي على ايجابيات، بل انه، اذا اقترن بالثقة بالنفس، اصبح ضرباً من الحياء. وهو من اجمل صفات الاردنيين. بالاضافة الى الجدية والاخلاص والشهامة وتأصل الاحساس بالمساواتية والعدالة والجماعية والزهد.
وفي واحدة من ألمع التفاتاته، لاحظ الاديب الراحل غالب هلسا ان الاردني – وخصوصاً الريفي – يلازمه «الاحساس بالذنب» كظله في كل سلوكاته. وقد يعوق استمتاعه بالحياة او مبادرته لتحسينها. وقد مثّل هلسا على هذه الظاهرة بمشاهد روائية أخّاذة.
غير ان لزميلنا احمد ابو خليل -الكاتب الاخصائي في شؤون الشخصية الاردنية وشجونها -التفاتات اخرى الى الجوانب الشطارية في هذه الشخصية، ونظرتها الساخرة الى العالم. وربما كان ابو خليل بصدد جمع هذه الالتفاتات في بحث طويل ارجو ان يعالج قسم منه ظاهرتي «الخجل» و«الاحساس بالذنب» وهما اعمق جذوراً من ظاهرة «فقدان الثقة بالنفس» … التي قد يكون لها اسباب اجتماعية -سياسية مباشرة. ففي التاريخ الاردني الحي نلتقي مع شخصيات عديدة واثقة من نفسها كلياً؛ بل وفروسية وصداميّة؛ الا انها مع ذلك، «خجولة»!!
***
«الشخصية الاردنية» موضوع بحث ضروري، ليس فقط لاكتشاف الذات، وانما، ايضاً، لمساعدة الاردنيين على الشفاء الجماعي من عقد ونقائص متحكمة تعرقل انتاجيتهم وابداعهم وحقهم بالاستمتاع بملذات الحياة… وخصوصاً حقهم في الامساك بأعنة مصائرهم، وبناء حيواتهم الفردية، وحياة الوطن… كما يشتهون!.