منطقة خطر
ناهض حتّر
فجعتُ عندما رأيت رمزا اسلاميا يصطف إلى جانب الحيتان في معركة الغذاء والدواء التي فتحها الوزير الشهم الدكتور عبد الرحيم ملحس.
ثم فجعت، أكثر، عندما قرأت أسماء النواب الذين طلبوا مناقشة الوضع الغذائي والدوائي في الأردن، استنادا إلى ما كشفه الوزير ملحس من قضايا فساد وإفساد، ولم أجد بينها أسماء نواب الحركة الإسلامية!
فماذا؟! هل تمثّل الحركة الإسلامية مصالح عشرات آلاف الفقراء والكادحين الذين صوتوا لها… أم تمثل مصالح العشرات من التجار-الحيتان؟ إنه سؤال معلّق، كالسيف، على مصداقية الحركة الإسلامية… وإذا لم يكن لديها إجابة واضحة حاسمة وسريعة وشعبية… فستخسر الحركة تلك شعبيتها، ويتقلص حضورها السياسي في البلد، وفي مستقبله!
أقول هذا… وأنا واحد من الذين طالما دافعوا -بالرغم من الخلاف الأيديولوجي-عن الحركة الإسلامية في مواجهة ظالميها… بل ودعوت، علنا، إلى تشكيل حكومة إسلامية تعبر عن حجم التأييد الشعبي للإسلام السياسي. وأخشى أنني توهّمت أوهاما عن تغيّرات حدثت في الحركة الإسلامية الأردنية، وانتقلت بها من صفوف القوى المتنفذة إلى صفوف الشعب. سأراجع نفسي الآن، وأسأل عن واقع الارتباطات الطبقية لهذه الحركة، وأين هي في لوحة الصراع الاجتماعي؟!
والسؤال قائم ويبقى قائما… حتى لو عدّلت الحركة الإسلامية موقفها، الآن أو غدا. فالأصل، أن تبادر الحركة السياسية الأوفر شعبية؛ و«الاكثر ارتباطا بالطبقات الشعبية» – كما نحن نتوهم -إلى الانطلاق من القنبلة التي فجرها وزير الصحة، لخوض معركة واسعة، وعلى كل صعيد، دفاعاً عن قوت الشعب ودوائه، وحق الشعب في لقمة نظيفة ودواء جيد، بأسعار غير مجنونة!
هذا الأصل في وهمنا. ولكن الذي حصل فعلا أن الحركة الإسلامية صمتت، وأن رمزا من رموزها اصطف علنا في الجانب الآخر من المعركة، وأن نوابها في البرلمان لم يبادروا؛ وأن حزب جبهة العمل الإسلامي… لم يبادئ، حتى… باصدار بيان! وغدا، حينما تحتدم المعركة، ويميل ميزان القوى الشعبية لصالح القوى التي تصدت للدفاع عن الشعب… هل تركب الحركة الإسلامية الموجة… وتتربع على مقدمة الصفوف؟ كما حدث في أزمة الخليج، عندما أصدرت الحركة الإسلامية، في الأيام الأولى، بيانات مؤيدة «للكويت»… فلما رأت الناس يؤيدون العراق أفرادا وجماعات، عادت لتأييد العراق… بل وتتقدم الصفوف في تأييده!
هذه المرة… لن تسلم الجرة! فقد وضع الدكتور ملحس، كل القوى الأردنية أمام امتحان عسير. وأخشى أن أداء الحركة الإسلامية حتى الآن هو سقوط في الامتحان.