الشاهدحديث الاثنين
العدد 43
ناهض حتّر
اختار السيد نبيل شعث، جريدة “الاتحاد” الظبيانية (!) للإعلان، رسمياً، عن مشروع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الخاصّ بمستقبل فلسطين والأردن، على أساس ربطهما مع “اسرائيل” في إطار كونفدرالية اقتصادية ثلاثية.
والمنظمة التي عرضتْ، وفقاً لشعث، مسودتيّ اتفاقين منفصلين مع تل أبيب وعمان، تأمل في أن تكون محصلتهما الفعلية قيام الكونفدرالية تلك، بالحدّ الادنى من العقبات والضجيج، وبما يحافظ على دورها (المنظمة) بوصفها وسيطاً اقتصادياً ضرورياً، “ودينامو” سياسياً لا غنى عنه للشريكين الآخرين.
يقول شعث إن المنظمة عرضت على “إسرائيل”، بالتحديد، “اتحاداً اقتصادياً كاملاً” يتضمن «الاتحاد الجمركي» و«تشجيع الاستثمارات المشتركة والمؤسسات والشركات الثنائية». وهو عرض قريب مما عرضته المنظمة على الجانب الأردني، في مسودة اتفاقية اقتصادية نشرت “آخر خبر” نصوصها مؤخراً.
وفي الحقيقة، فإنّ موافقة الجانب الاردني على تلك المسوّدة من عدمها، لن تؤثر، عملياً، على مشروع الكونفدرالية الثلاثية، ولا على الدور الخاص للمنظمة في قيامها وإدارتها… وذلك لأن “الاتحاد الاقتصادي الكامل” قائم، بالفعل، بين الأردن والضفة الغربيّة، ولدى قيام اتحاد مشابه بين الكيان الفلسطيني و”اسرائيل”، فإن الكونفدرالية الثلاثية تكون قد قامت فعلاً.
هذه هي الصورة بوضوحها الكامل! وتتولى “إسرائيل” و”المنظمة” تحديد ملامحها، وسط صمت أردني يطرح أسئلة كبرى، منها:
لقد ذهبنا إلى مدريد من أجل سلام تقبل به الاجيال من بعد، أي سلام ينهي مخاطر الحرب، ويحفظ لنا، وللعرب، الحدّ الأدنى من الحقوق، في ظل ظروف عربية ودولية صعبة؛ ثم انتهينا، في واشنطن، إلى سلام “الأجندة” الذي ينص على “التعاون”، في شتى المجالات، مع “إسرائيل”؛ ثم وصلنا، واقعياً، إلى دخولنا في سياق مشروع وحدة مع عدونا “القديم”!
فكيف انتقلنا من صيغة مدريد إلى صيغة شعث؟ ومن معركة السلام لانتزاع حقوقنا… إلى معركة الوحدة مع “اسرائيل”؟ أم أن صيغة مدريد كانت تحمل في داخلها صيغة شعث… وكل ما هنالك أننا، أعني سواد الناس، ابتلعنا الطعم خطوة خطوة؟
وإذا كان هنالك “إجماع وطني” على “انهاء حالة الحرب… وانتزاع الحقوق سلماً” فهل هنالك إجماع وطني على التعاون مع “إسرائيل”، لا بل والاتحاد معها!؟
والسؤال الثاني هو إذا كان هناك قرار سياسي بالقبول بصيغة الكونفدرالية الاقتصادية الثلاثية؛ فلماذا لا يعلن عنه للحوار الوطني العام؟ وإذا كان الحوار في هذا الشأن غير مسموح به… فالإعلان، على الأقل، لا بُدّ منه، للخروج، من حالة الفوضى والتوقّع والغموض التي تشلّ الاقتصاد والحياة في الأردن.
وإذا كان هنالك قرار، فليكن واضحاً بأبعاده وحدوده. فلا يغطّى بالكلام “العروبي” عن وحدة المصير الأردني -الفلسطيني -فهنا، يجب أن نضيف: “الاسرائيلي”!
وإذا لم يكن من حق المواطن ابداء الاعتراض على مصيره الوطني؛ فلتكن معالم هذا المصير واضحة بالنسبة له. اعطوه، أقلّه، فرصة الاستعداد النفسيّ، وترتيب شؤونه للتعامل مع مستجدات القادم الجديد!
والسؤال الثالث هو اذا لم يكن هنالك قرار سياسي بالقبول بالكونفدرالية الثلاثية؛ فلماذا السماح بقيامها عفوياً، وحتى بدون ثمن؟
ففي ضوء تصريحات شعث الواضحة كلياً، يغدو إبقاء الأمور على حالها في العلاقة الاقتصادية بين الاردن والضفة الغربيّة، قبولاً واقعياً بالكونفدرالية الثلاثية؛ كما يغدو كل تنسيق اقتصادي أردني -فلسطيني، هو تنسيق مع “اسرائيل” من الباطن، ووحدة معها؟
وإذا كانت الكونفدرالية الثلاثية (قدراً لا راد له) … فلماذا لا يكون التفاوض، بشأنها، ثلاثياً، وعلنياً، حتى نفهم، ونتبصّر، ونُبْصِر؟
… ما هو دور الأردن وما هي وظيفته في تلك الكونفدرالية؛ وما هو مصير الاستثمارات الأردنية، والدينار الأردني، و… وكل تلك الاسئلة الحيثية والمعيشية، عداك عن السياسية، التي تخيّم على عقول الناس، وتشلّ حركتهم!!
… ثم ما هو مصير علاقات الأردن العربية، وبعضها استراتيجي، اقتصادياً وسياسياً، (العراق وسوريا) بما هو كائن، وبما سيكون.
وأخيراً، استميح القراء بأن أسال سؤالاً شخصياً محضاً، وهو: ما هي، على وجه الدقة، ضرورة اتقان المرء للّغة العبريّة، وكم شهراً (أو اسبوعاً) نملك لاتقانها؟
الأسئلة الكبرى
Posted in Uncategorized.