منطقة خطر
العدد 90
ناهض حتّر
في الخمسينات، كان الانتساب الى الحزب الشيوعي -بغض النظر عن برنامجه آنذاك، انتساباً لحلم بناء الاشتراكية، والى قوة الاتحاد السوفياتي الجبّارة. وكان الانتساب الى حزب البعث، انتساباً الى حلم بناء الأمة-الدولة. وكان الانتساب الى «حركة القوميين العرب»، انتساباً الى عبد الناصر والقاهرة -عاصمة التحرر العربي. وأخيراً، وليس آخراً، كان الانتساب الى الحزب السوري، انتساباً الى سورية الكبرى وأحلام وحدة سوراقيا…
في نهاية الستينات، كان الانتساب الى «الشعبية» و«الديمقراطية» وسواهما من المنظمات الفدائية، انتساباً الى حلم تحرير فلسطين، بالكفاح المسلح والحرب الشعبية!
الأحلام الكبرى هي صانعة الأحزاب الكبرى؛ وهي الرحم الذي يلد الحزبيين المناضلين، والانصار، والجمهور… والجماهير، وأحزاب بدون احلام كبيرة هي أجهزة سياسيّة تقودها بيرقراطيات هي، بالنسبة للمواطن، الوجه الآخر لبيروقراطية وزارة الداخلية!
لا أحد يعطي قلبه وحياته لحزب ليس عنده مشروع كبير-حلم-أمل في حياة مختلفة! ولا أنصار يتحلقون حول حزب كل ما يريده ويقلقه هو حصته في البرلمان؛ ويطالب «بتداول السلطة» الذي هو، في واقع الحال، حصة من الحقائب الوزارية بيرقراطيات حزبيّة ترى انه من حقها «المشاركة» في الامتيازات، وتسعي، لاهثةً، كي تغدو جزءاً من الطبقة صاحبة الامتيازات! ولا جماهير تلتفّ حول احزاب تشققها الانقسامات الشخصية، المستندة الى ارتباطات سلطوية، هنا وهناك! وتعتبر مشاعر الجماهير وطموحاتها… «تطرفا» و «عدمية» و«كلام شوارع»!
من بين احزابنا التي ينفضّ عنها الاعضاء والاصدقاء… ولا تحصد في الانتخابات سوى أصوات عائلات مرشحيها -اذا كانوا مرشحي عائلات!
… من بين احزابنا التي تتأزم وتشكو، وتنهار… ما يزال، هناك، حزب واحد يملك حلماً وانْ كان في السماء-هو الحزب الاسلامي الذي ما يزال عنده «اعضاء» و«مناضلون» و«جماهير»!
وسيخسر هذا الحزب اولئك كلهم، طالما ظل حلمه معلقاً بين الارض والسماء!
الاحزاب أحلامٌ
الاحلام أحزابٌ
وأحزابنا، اليوم «أَضغاث أحزاب»!