ناهض حتّر
نحن ضدّ العملية السلموية الجارية من ألفها إلى يائها. ومع ذلك فلسنا من القائلين بأن «الخل أخو الخردل». ففي هذا الكلام تخليط لا يخدم الموقف المبدأي، بل يخدم التفريط والمفرّطين، بوضعهم مع أصحاب موقف الحدّ الأدنى الوطنيّ، في سلة واحدة.
.. ففي واقع الممارسة السياسية العربية الرسمية، يوجد موقفان أساسيّان متبلوران أحدهما تنكّر للمشروع العربي كلياً، وانحاز للمشروع الأميركي -الصهيوني كلياً؛ وثانيهما يفاوض من موقع عربي. وهناك فرق شاسع بين الموقفين.
هناك فرق بين مقايضة جزء من الأرض بلا سيادة، بالتعاون والتحالف مع «إسرائيل»، وبين الاستعداد لمقايضة الانسحاب الإسرائيلي الكامل غير المشروط من سائر الأراضي العربية المحتلة؛ «بعلاقات سلم عادية» لا تحالف فيها، ولا تعاون، ولا تطبيع.
وهناك فرق بين الإصرار على الانسحاب «الإسرائيلي» وإحقاق الحقوق العربية، على كافة الجبهات، قبل البحث في «علاقات السلم العادية»، وبين الشروع بالتعاون والتطبيع قبل الانسحاب، وقبل التفاوض على الانسحاب!
وهناك فرق بين الإصرار على أن منظمات المقاومة الفلسطينية واللبنانية هي حركات تحرير وطني، لا جماعات إرهابية، وبين التعهد «بتأديب الإرهابيين»!
وهناك فرق بين مَنْ يقول إن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان لا يكفي لإقامة علاقات سلم عادية بين سوريا و «إسرائيل»-إذ لابد من تطبيق قرار ٢٤٢ (الضفة وغزة) وقرار ٤٢٥ (الانسحاب غير المشروط من جنوب لبنان) أيضاً-وبين مَنْ يصبح خادماً «لإسرائيل» لقاء الاعتراف به طرفاً!
وهناك فرق بين قرار يستجدي أيّ شيء في ردهات الظلام؛ وبين مَنْ يفرض على رئيس الولايات المتحدة، لقاءه في منطقة محايدة، للبحث في «أمور المنطقة»، وليس، فقط، في عملية السلام!
وهناك فرق بين من يلتزم بسلام لا يتناقض مع «مئات الآلاف من الذين ضحّوا بحياتهم دفاعاً عن الوطن والحق»، وبين من يصف الوطن والحق بأنه «كادوك»!!
نعرف أن الأردن لا يستطيع أن يحمل أعباء الرفض المبدأي للعملية السلمويّة؛ ولكننا نعتقد أنه يستطيع أن يختار، في إطارها، أن يكون مع موقف الحد الأدنى العربي… لا مع موقف الحد الأعلى «الإسرائيلي» وبين الموقفين فرق!! بين السياسة المعتدلة… وبين الانتقال إلى صفوف الأعداء… فرق!
لا تكونوا ثواراً… كونوا، على الأقل، عرباً أردنيين!
لا تشعلوا حرباً… ولكن، على الأقل، تمنطقوا بالخنجر الشّامي!