هذا العالم
ناهض حتّر
أمام مسجد الشريعة في جبل اللويبدة، كانت سيارة لتقلّ الموتى تقف تنقل جثمان د. منيف الرزاز إلى مثواه الأخير. وعندما انتهت الصلاة، عزّ عليّ أنني لم ألتقِ بالدكتور حياً، ففرت من عيني دمعة.
كان التابوت، ملفوفاً بالعلم الأردني، يُدْخِلُه الشباب في السيارة… فصعدتُ معه… قررتُ أن أرافق الدكتور في ساعته الأخيرة في شوارع عمان التي أَحَبّ.
في الطريق إلى المقبرة، حاورتُ الدكتور في كتابه الأهم “فلسفة الحركة القومية العربية”. وسألته عن الأردن، فأجابني العلم!
منيف الرزاز… منظّر القومية العربية الكبير، الحمويّ الأصل، الدمشقي النشأة… الذي عرف مجد الحكم في عاصمة الأمويين وعاصمة العباسيين… كان أردنياً بالهوى والانتماء!
الأردن، إذاً، ليس “فندقاً” أو “مصادفة معيشية” أو تجمعاً هجيناً للآتين من هنا وهناك! الأردنّ قضيّة عربيّة، وانتماء محدّد، وجذر راسخ يمتدُّ من المحيط إلى الخليج!
د. منيف الرزاز… الكبير، لا يعرف، في الحياة وفي الممات، أن يكون طارئاً! وإذا كان أكبر من الأقطار، فقلبه الصغير المحبّ احتضن الأردن الصغير، وعمان التي أعطته قلبها، وجبل اللويبدة الذي منه غادر إلى الدار الأخرة!
الدكتور دَرْسٌ… ليس في حقوق الإنسان-كما يقول الصديق مؤنس-ولكن في العروبة وفي الانتماء وفي الثورة!
وصلنا المقبرة… وكان بكائي الحبيس… قد صار سلاماً.