العرب اليوم
آراء وتعليقات
“هل تنجح خطة الإبراهيمي الاستعانة بإيران والمرجعية لضمان الاستقرار في العراق، تحت الهيمنة الامريكية؟”
تؤكد التسريبات الإخبارية أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، الأخضر الإبراهيمي، وقع اختياره على الدكتور حسين شهرستاني لرئاسة الحكومة الانتقالية العراقية.
وبغض النظر عما ستؤول إليه المفاوضات بين الإبراهيمي والأطراف الأميركية والعراقية والإقليمية حول ترئيس شهرستاني، فإن هذا الخيار نفسه يكشف لعبة الإبراهيمي في بناء الحكومة العراقية المؤقتة:
فالشهرستاني شخصية أكاديمية غير حزبية. أي انه تكنوقراطي “مستقل”. وهو ما كان الإبراهيمي يلح عليه منذ البداية. إلّا أنه، تحت هذه الأكاديمية والاستقلالية، تظهر التوليفة السياسية المعقدة للشخصية التي يرشحها الإبراهيمي.
الشهرستاني الحاصل على دكتوراه في الكيمياء النووية من جامعة تورنتو، كان كبير المستشارين العلميين للجنة العراقية للطاقة الذرية حتى العام 1979، حين رفض القيام بواجبه حيال وطنه العراق على مشارف الحرب العراقية–الإيرانية، تم سجنه حتى العام 1991، ثم غادر العراق إلى إيران، ثم إلى بريطانيا.
والشهرستاني معذور بالطبع، فهو عراقي من أصل إيراني وعندما واجه الاختيار الحاسم في الولاء، اختار الإيرانيين. وربما كانت الحكومة العراقية معذورة، هي الأخرى، في احتجاز حريّة عالم نووي رئيسي تمرد على واجباته الوظيفية في ظروف الحرب.
إلا أن الشهرستاني لم يرتبط بحزب معارض، بل مارس العمل ضد نظام الرئيس صدام حسين ووطنه العراق، سواء من وطنه الأول إيران أم من منفاه في لندن.
إلى كل ذلك، فالشهرستاني هو أقرب الشخصيات الشيعية “المستقلة” إلى المرجع الديني في النجف الأشرف، السيستاني. وقد اصطف إلى جانب الأخير في حركة الانتقادات الكلامية ضد سلطات “الائتلاف” لأنها لم تفعل شيئاً من أجل تنظيم انتخابات عامة في العراق.
وهكذا يكون شهرستاني، هو “الشخص المناسب” مئة بالمئة للتفاهم الضمني القائم بين واشنطن ونيويورك، أي بين إدارة البيت الأبيض والأمانة العامة للأمم المتحدة. فالشهرستاني أكاديمي ومستقل وعدو قديم لنظام الرئيس صدام حسين، ولبرامج التسليح العراقية. وهو إيراني الأصل والولاء، وشيعي طائفي مقرب من المرجعية، بالإضافة إلى أنه صديق للغرب… و”ديمقراطي” الهوى، بحكم إلحاحه على إجراء انتخابات مبكرة في العراق.
الإبراهيمي شاطر حقاً. لقد اصطاد هذه السمكة العجيبة التي تثير شهية أمريكا وإيران والمرجعية معاً، وتجمعهم معاً على مائدة واحدة. وهذا التحالف المسنود “بالجهود الأسمية” و”الشرعية الدولية” هو القاعدة الوحيدة الممكنة التي تحفظ الهدوء والاستقرار والتجاوب في الأوساط الشيعية، إذ سيحظى رئيس الوزراء شهرستاني بالدعم المثلث من واشنطن وطهران وحلفائها والمرجعية وحلفائها… ويقترن هذا المسار السياسي، بالطبع، باستمرار الهجوم الهمجي على النجف وكربلاء والكوفة لتدمير قوات المعارضة الشيعية المتمثلة في حركة الصدر. الإبراهيمي وسانشيز يسيران في الخط نفسه!
وفي التشكيلة الحكومية سوف نشهد “مصالحة” مع الأوساط البعثية الخارجة عن التزاماتها الحزبية. ومن المعتقد أن هذا الترتيب سوف يهدئ أيضاً المثلث السني، في حين أن المنطقة الكردية مأمونة مسبقاً! وسيتم إرضاء السنة بعامة، من خلال منصب رئيس الجمهورية الذي قد يكون موكولاً إلى عدنان الباجه جي.
غير أن هذه اللعبة محكوم عليها بالفشل مسبقاً للاعتبارات الموضوعية التالية:
1. ترئيس عدنان الباجهجي (السني من أصول تركية مملوكية) لرئاسة الجمهورية، وشهرستاني (الشيعي من أصول إيرانية) لرئاسة الوزراء، سوف يستنفر حركة القومية العربية في العراق-والعرب الذين يشكلون 82 بالمئة من العراقيين يدينون، أولاً، بالولاء إلى العروبة وهو ما سوف يستنفر مقاومة متسعة غير منظورة حتى الآن.
2. تجاوزت حركة الصدر، خلال الشهر الماضي، جميع القوى الشيعية الأخرى، الدينية والسياسية، وعرتها، وألزمتها بدور الوسيط مع المحتلين أو بالصمت من إهانة الأميركيين للمقدسات الشيعية. وبكلمة أحرقت حركة الصدر، كل الرايات الشيعية الأخرى وأظهرتها كقوى عملية أو دجالة ولا تقاس هذه المكاسب السياسية الضخمة بالخسائر التي يقدمها جيش المهدي الذي يضم مقاتلي الصدر ومقاومين آخرين من اتجاهات سياسية ودينية مختلفة.
لقد أمسك الصدر بالقرار الشيعي، وأصبحت لعبة التحالفات الأميركية– الإيرانية مع الأحزاب الشيعية الموالية لإيران والمرجعية، من الماضي.
3. وفي المثلث السني، فإن قوى حزب البعث والمنظمات الأصولية الجهادية، هي التي تمسك عملياً بالمقاومة. وهي قادرة على عزل البعثيين والإسلاميين المتعاونين، سياسياً وجماهيرياً.
4. إن القوة السياسية الرئيسية على الأرض هي المقاومة العراقية التي تعبر عن ائتلاف متعدد الأطياف يبدأ من حزب البعث وينتهي بحركة الصدر. وهذه القوة لا تقبل بأقل من رحيل الاحتلال من غير قيد أو شرط.
5. إن ما يسمى نقل السيادة في 30 حزيران هو مناورة تهدف إلى تشريع الاحتلال، وتخفيض الضغط على المحتلين، عسكرياً وسياسياً. وهو ما لن يقبل به الشعب العراقي، أبداً. وستستمر، إذن، حالة عدم المشروعية للحكومة المؤقتة، وسيتمكن المقاومون من تحويلها إلى أضحوكة مطاردة.
لا مفر، أمام الأميركيين، من التفاوض مع المقاومين لتأمين جلاء قوات الاحتلال بأقل خسائر ممكنة.0
الابراهيمي يكشف خطوط لعبته «الذكية» في العراق .. من أصل ايرانى
Posted in Uncategorized.