العرب اليوم
ناهض حتّر
نفى رئيس الوزراء فيصل الفايز، اي علاقة لحكومته بما سمي «مشروع قانون المجلس الاعلى للثقافة» الذي نشرته احدى الصحف المحلية، وقال لي، في لقاء خاص «لا، ليست هذه هي طريقتي، انا لا افرض على المعنيين، في اي مجال شيئا جاهزا، فما بالك بالمثقفين؟! اريد ان اعرف اولا ماذا تريدون، وسأدعم ما تريدون! ولست مستعجلا، ليس لانني غير مهتم بل لانني مهتم جدا…»
والرئيس مهتم، بالاساس، بتفعيل الدور السياسي والاجتماعي الايجابي للمثقفين والاكاديميين والمبدعين، وهو، لذلك يريد ان يرى صيغة متفاهما عليها في الميدان.
قلت له ان اقتراحي هو ان يترك الشأن الثقافي، كليا، للمثقفين وقاطعني قائلا: «طبعا-طبعا… انا اقبل كذلك، فهل تتفقون؟! اتفقوا على صيغة وسوف ادعمها»
حسنا، ليس لدى الرئيس افكار مسبقة حول تنظيم النشاط الثقافي الوطني، سوى ايمانه بتفعيل دور المثقفين، وهو يريد ان تنشأ في هذه المساحة بالذات حيث نخبة الاردنيين تجربة ديمقراطية كاملة مستقلة سياسيا وتنظيميا، وهو يقترح بوضوح ان تجتمع الهيئات الثقافية والمثقفون البارزون، للحوار، والتوصل الى مشروع لـ «المجلس الاعلى للثقافة والادب والفنون» ولدى التوصل الى صيغة مشتركة، فان الرئيس مستعد لرعاية مؤتمر ثقافي وطني، ودعم مقرراته.
ولقد لاحظت ان الرئيس ليس معنيا بالحفاظ على الهياكل القديمة، والبيروقراطية القديمة، تحت مسميات جديدة… بل انه يرغب في تغيير شامل وجذري في ادارة النشاط الثقافي الوطني.
وكنت اقترحت على الرئيس مجلسا اعلى للثقافة والاداب والفنون، لا يشتمل على موظفين، بل على ممثلين للمجالس المنتخبة للهيئات الثقافية ومثقفين ومبدعين يتم التشاور على تسميتهم من بين اولئك المعترف بهم في الاوساط الثقافية ذاتها، وهكذا يكون لدينا مجلس مكون من مثقفين منتخبين بصناديق الاقتراع او بالاجماع على اهميتهم من قبل المعنيين انفسهم.
وحول خطة عمل المجلس، اقرحت تحريره من الملحقات الادارية، واقتصار عمله على تحديد معايير وخطط الدعم المالي للنشاطات الثقافية الحية: النشر، العروض المسرحية، العروض التشكيلية، التفرغ الإبداعي… الخ.
وقد اسعدني الرئيس باهتمامه بهذا التصور، لكنه اكد التزامه بدعم صيغة جماعية يقررها المثقفون بانفسهم، وطلب الي القيام بمبادرة في هذا الاتجاه، وها انذا افعل.
فإلى رابطة الكتاب، واتحاد الكتاب ونقابة الفنانين المسرحيين والموسيقيين ورابطة التشكيليين والمنتديات الثقافية النوعية والروابط والجمعيات المعنية والنشاط في الحقل الثقافي، هذا النداء: هناك فرصة حقيقية لتنظيم النشاط الثقافي الوطني، ديمقراطيا، وانطلاقا من الميدان، وهو ما يتطلب مبادرات ولقاءات ثنائية وجماعية، تصب في النهاية في لقاء عام للبحث في آليات الاتفاق على صيغة جماعية.
***
لقد وجدث لدى الرئيس، اكثر مما توقعت من الانتباه للشأن الثقافي، ومن الانفتاح ازاء البدائل، ومن الاستعداد للتجديد والدعم… ومن القلق ازاء قدرة المثقفين على الحوار فيما بينهم. ()