منطقة خطر
العدد89
معتز السلطي
ماذا فعل الدكتور عبد الرحيم ملحس بنا؟
في لحظةٍ واحدة، مثلما يكسر الحجر الزجاج، كسر الدكتور اوهامنا، وطوّح بآخر ما نملك من طمأنينة واستقرار ظهرا، فجأة، زائفين… فاذا الاردن ليس الاردن، واذا به حالة مصرية كاملة من الغش والفساد وشبكات المافيا التي تقودها حيتان، تطعمنا القمامة، وتداوينا بالادوية المغشوشة التي ندفع ثمنها من عرقنا ثلاثة او اربعة اضعاف قيمتها، ومن صحتنا تدهورا و”سرطانات”!
الدكتور عبد الرحيم ملحس… ليس معارضا “مغرضا”، وليس كاتبا في صحيفة اجنبية معادية. انه وزير الصحة الذي ما يزال على رأس وزارته، ويعرف بواطن الامور من الداخل، ومن موقع المسؤولية. انه، حسب، رجل شجاع، وطبيب شريف، ويقول، في تصريحات جريئة للزميلة “شيحان”، ما اختصاره ان منظومة الغذاء والدواء في الاردن واقعة تحت سيطرة حيتان لا تشبع من عرق المواطن ودمه. انهم يستورِدون لنا “قمامة” الغرب، وينقلونه في شروط نقل القمامة… ونأكل نحن مواد غذائية مشبعة بالمسرطنات والآفات الأخرى… أو على الاقل، بدون قيمة غذائية… مثلما يستوردون لنا ادوية غير صالحة للاستعمال، ويدفّعوننا ثمنها غاليا جدا. ونحن ننعم بالقمامة والسموم!
الدكتور ملحس يقول انه لا شيء يحمي المواطن الأعزل من الحيتان. فوزارة الصحة-على حد تعبيره-“خربانة” ينخرها الفساد… “والرقابة الدوائية” في الوزارة لا تعمل في خدمة المواطن… بل في خدمة الحيتان… ولانها حيتان، فهي لا تعرف القانون، تتحايل عليه، او تكسره ببساطة. وحتى حينما تصدر محكمة العدل العليا حُكْما ضدها، فإن الحيتان لا تهتز… بل تستحصل، باعجوبة، من “الديوان العالي لتفسير القوانين”… على ما ينقض حكم القضاء!
والحيتان قوية جدا، … حتى ان الدكتور ملحس يقول ان رئيس الحكومة يريد ان “يهدئ اللعب معها”… وحتى ان الدكتور ملحس-وهو وزير-يخشى ان تضعه في السجن!
وحسنٌ فعل الوزير الشريف د. عبد الرحيم ملحس، بكشفه للمخبَّأ الآن، وعلى الملأ وبدون تحفظ، فبذلك، يكون الدكتور قد حمى نفسه، ووضع القضية على نار لا يمكن اخمادها بتعديل وزاري او باللفلفة او بالتصريحات المعسولة.
ولو لم يقل الدكتور ملحس كلمته الآن، لربما صحونا، ذات صباح، فإذا هو متهم بجريمة امن دولة!! ومعتقل ومُحالٌ الى المحكمة!
… الآلآف والآلآف من الاردنيين ممن اداروا، ويديرون الظهر للغزوة الصهيونية التي تستهدف -الآن -وجود الأردن، وللفساد المالي والاداري … ولكارثة المديونية، وللاستسلام لشروط صندوق النقد الدولي.. وشروط المفاوض ” الاسرائيلي”… الخ، حامدين الله انهم يأكلون ويشربون ويستَشْفون -فماذا في الحياة بعد؟ – سيكتشفون الآن انه لا يوجد في حياتنا شيء واحد ثابت… او شيء واحد نظيف وجميل… او شيء واحد غير مستباح!