«الانتفاضة الشيعية» ترجئ اقتحام الفلوجة

العرب اليوم

ناهض حتّر
قالت مصادر مطلعة في المقاومة العراقية لـ «العرب اليوم» ان قوات الاحتلال الاميركي في العراق، ارجأت، تنفيذ خطة اجرامية لقصف مدينة الفلوجة العراقية بالطائرات، واقتحامها، اذا لم تستجب لانذار- تم الغاؤه – بتسليم المقاومين الذين قتلوا اربعة ضباط اميركيين من القوات الخاصة، ونفذوا ارادة الشعب بجثثهم واضافت ان «المحتلين الاميركيين كانوا يأملون، من خلال جريمة ابادة جماعية، تأديب الفلوجة المقاومة، واستعادة هيبة قواتهم المصدومة، حين اندلعت الانتفاضة الشيعية المنتظرة ضد الاحتلال وهيئاته واجهزته المحلية التابعة».
والانتفاضة التي امتدت، امس، من بغداد الى الكوفة والنجف والناصرية وكربلاء والعمارة وسواها من الحواضر ذات الاغلبية الشيعية، ربما تكون التطور النوعي الابرز في مسار الاحداث الجارية في العراق، خصوصاً مع اعلان مقتدى الصدر تخلي حركته عن اسلوب التظاهر السلمي، واللجوء الى «وسائل انجع» في مقاومة المحتلين. وبهذا يكون يوم الاحد 04/04/2004، مفصلياً، وبصورة خاصة لجهة احداث التغييرات السياسية الاتية:
اولاً -استعادة اللحمة الوطنية بين العراقيين العرب في اطار المقاومة التي كانت، الى وقت قريب، ذات لون عربي سني، ما يفتح الآفاق امام تكوين مرجعية سياسية موحدة للمقاومة الوطنية العراقية. وتخفيف الضغط على المثلث السني.
ثانياً -ان انتقال حركة الصدر الشيعية، ذات الطابع العربي والاغلبي، الى صفوف المقاومة، سوف ينزع بعض ما بقي «لمجلس الحكم» وجيشه وشرطته من شرعية شيعية، ويعزل تيار الحكيم (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية) المرتبط بالمخابرات الايرانية والمتعاون مع الاحتلال الاميركي، مثلما سيؤدي الى انشقاق في حزب «الدعوة» الشيعي-المشارك في «مجلس الحكم»، ولكنه يستند الى قواعد معارضة – وسيمثل، في النهاية، ضغطاً على مرجعية السيستاني، ويصلب من مواقفها السياسة.
وحركة الصدر-بخلاف الحركات الشيعية الاخرى -هي حركة عراقية محلية، نشأت وعملت في اطار النظام العراقي السابق، كمعارضة سلمية ترفض التعاون مع القوى الاقليمية والدولية. وهي ذات قواعد شعبية من الفقراء. واذا كان قائدها الحالي «مقتدى الصدر» شاباً اظهر الكثير من التردد خلال العام الاول من الاحتلال، فإن الحركة تستند الى تقاليد محلية راسخة والى تراث اهم المرجعيات الشيعية في العراق المعاصر.
وقد تطورت مواقف قيادة حركة الصدر تحت ضغط قواعدها وانموذج المقاومة المسلحة للعرب السنة، وكذلك بسبب تجاهلها في التركيبة السياسية التي انشأها الاميركيون في العراق بالتعاون مع الجماعات الشيعية الايرانية الولاء، والتي لا تحظى بقواعد شعبية، وتعتمد على الاجهزة الامنية الخاصة والاموال في نشاطها.
ثالثاً-ان انفجار المواجهات المسلحة في الجنوب، سوف يؤدي الى الصدام مع القوات البريطانية والاسبانية والايطالية وسواها من الجيوش الملتحقة بالاحتلال الاميركي على اساس حضورها في «مناطق آمنة». ولأن قوات «التحالف» هذه تأتي من بلدان تشهد معارضة قوية للمشاركة في الحرب على العراق، فمن المنتظر ان سقوط قتلى وجرحى في صفوفها، سوف يؤدي الى زيادة الضغوط الشعبية لاخراجها من العراق، اقتداء بالانموذج الاسباني.
وقبل موعد ما يسمى تسليم السلطة للعراقيين في 30 حزيران المقبل، ربما يكون «التحالف» قد انفرط ميدانياً وسياسياً. اضف الى ذلك ان عمليات تصدير النفط التي كانت آمنة في جنوب العراق -بعكس شماله المقاوم منذ وقت مبكر -سوف تتراجع، وتحد، بالتالي، من تمويل الهيئات والمنظمات التي انشأها المحتلون.
وعلى المستوى الميداني، نتوقع مرحلة -قصيرة نسبياً -من مقاومة مضطربة -وربما متعثرة لأنصار الصدر -بسبب ضعف الخبرة القتالية -ولكن العراق العربي كله سيكون ملتهباً بالمقاومة، قبيل حزيران المقبل. وهو ما سيضغط، اقليمياً، على ايران؛ ودولياً، على «التحالف» وخصوصاً على ادارة بوش الصغير، التي سيتفاقم مأزقها الأمني والسياسي في العراق، عشية الانتخابات الرئاسية.
وبالنسبة لحركة الصدر، لم يعد ممكنا ارجاء المواجهة سواء أمع الاحتلال أم مع «مجلس الحكم» واجهزته، الى ما بعد «تسليم السلطة» وترسيخ نظام عميل يواصل تهميش حركة الصدر ودورها السياسي. المعركة الآن، بالنسبة الى الصدريين، وتهدف الى (أ) اسقاط الترتيبات الاميركية بما فيها «مجلس الحكم» (ب) احراج وتحييد مرجعية النجف (السيستاني) والامساك بأعنة القرار السياسي الشيعي. وهو ما لم يعد ممكناً الا بالمقاومة.
وكانت مظاهر التغير في سياسات حركة الصدر، ملموسة خلال آذار الماضي من خلال تصعيد سياسي ضد المحتلين و«مجلس الحكم»، رد المحتلون عليه باغلاق صحيفة الحركة (الحوزة) واعتقال احد اركان الحركة، ومحاصرة نشاطها. وربما كانت اللحظة الحاسمة بدلالاتها حول اتجاه حركة الصدر نحو الانضواء تحت راية المقاومة، هي تصريح مقتدى الصدر «بولائه» الى حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين، ووضعه نفسه وحركته تحت تصرفهما. في اشارة الى عزمه الالتحاق بالتيارات المقاومة. وهذه اشارة متعددة المعاني، واهم معانيها الاعلان عن نزعة وحدوية مع حزب شيعي وحركة سنية في اطار نهج المقاومة.
انها، بالطبع، انباء سيئة جداً لبوش الصغير وحلفائه، فالصيف العراقي سيكون ساخناً للغاية… وعندما يذهب المواطنون الاميركيون الى صناديق الانتخابات في مطلع تشرين الثاني، سيكون العراق ساحة حرب حقيقية. 0

Posted in Uncategorized.