هل ينجح سيناريو “التعريق”؟

ناهض حتر

جدد رئيس الوزراء العراقي، ابراهيم الجعفري، في البيان الوزاري لحكومته امس، تمسكه بالاحتلال الامريكي – البريطاني. وبذلك، يكون قد شطب كل امكانية للمصالحة الوطنية في العراق. والحقيقة ان حكومة الجعفري تحتاج الى المحتلين لادامة وجودها بالاساس، وضمان تأمين فوزها في الانتخابات العامة المقبلة. ان ميزان القوى الداخلي في العراق محسوم لصالح المقاومة وحلفائها. ولدى جلاء المحتلين، فلن يكون بامكان المنظمات والشخصيات التي جاءت على ظهور الدبابات الامريكية، سوى الرحيل معها.

وفيما يبدو ان تحسب ليوم كهذا، تسرّع حكومة الجعفري، اطلاق شياطين الحرب الاهلية الطائفية في البلاد، بما يضمن، في النهاية، تقسيمها، وانشقاق المجتمع العراقي، كلياً، على اساس طائفي ربما يحمي اي هذا الانشقاق – الجعفري وحلفاءه.

في هذا السياق، اطلق وزير داخلية الجعفري، بيان جبر صولاغ «الايراني الاصل» حملة امنية لاستباحة بغداد، بحجة تعقب المسلحين. والحملة المستمرة، الشرسة، ينفذها اربعون الف «جندي عراقي» يواصلون، لليوم الرابع، «تمشيط» العاصمة العراقية والقيام باعتقالات عشوائية واسعة ومداهمة المساجد «السنية» والصاق صور السيستاني على حوائطها، والقمع الجماعي والقتل على الهوية الطائفية. وهي ممارسات تستهدف، بوضوح، اشعال الحرب الاهلية.

معظم جنود حملة صولاغ، من رجال مليشيات بدر الطائفية المرتبطة بايران وميلشيات البشمرجة الكردية ان استخدامهم مقصود لترويع المدينة العصية على الخنوع للاحتلال واعوانه.

لن تنجح «حملة البرق»، بالطبع، في بسط الامن في بغداد. فالصلات القائمة بين المليشيات الطائفية والعرقية وعصابات الاجرام، وثيقة للغاية، اما المقاومة التي صمدت للحملات الامريكية على مدار السنتين الماضيتين، فلن تتأثر بحملة الترويع، وستخرج منها، اكثر قوة وقدرة، بينما يدفع المدنيون الثمن.

لقد توصل العسكريون الامريكيون الى استنتاجات معلنة حول العنف في العراق، وتوقعوا استمراره عقدا كاملا، مؤكدين ان مهمة التصدي للمقاومة العراقية، تقع، تحديدا، على العراقيين. وهذا، كما هو واضح، توجيه استراتيجي بضرورة قيام الحرب الاهلية من وجهة نظر الولايات المتحدة. وحكومة الجعفري لا تنقصها الرغبة في ذلك. فالحرب الاهلية هي الصيغة الوحيدة التي تسمح للقوى الطائفية بالبقاء.

لم نسمع – وربما لم نسمع – أحدا في العالم العربي يحتج على ارهاب حكومة الجعفري – صولاغ، طالما اه ارهاب مبارك امريكياً.. وهذا الوضع سوف يستفز المشاعر العربية السنية، ويدفع بالعرب السنة الى تأييد ابو مصعب الزرقاوي والعمليات ضد اجهزة الامن العراقية التي اتضح الآن، بصورة جلية، انه يتم استخدامها كأداة احتلالية. وسيكون هذا التطور مؤسفاً، خصوصاً اذا ما اقترن بتحشيد طائفي مضاد.

لكن هذا السيناريو الاسود ليس حتمياً، للاسباب التالية:

(1) القوة القتالية للاجهزة الامنية العراقية – بما فيها الميليشيات الطائفية: العرقية – ليست قادرة على ادامة المواجهات مع القوة القتالية المتنامية للمقاومة العراقية. وهذا يعني ان القوات الامريكية ستكون مضطرة دائماً، للحضور في الميدان والاشتباك مع المقاومين. ولن تأخذ المواجهات، بالتالي، طابعاً عراقياً – عراقيا صرفاً.

(2) الحضور السياسي لقوى المقاومة العراقية في الاوساط العربية السنية اقوى، بما لا يقاس، من حضور الطائفيين السنة. وسيظل القرار السياسي في هذه الاوساط للمقاومة الوطنية.

(3) انكشاف التحالف الشيعي الموالي لامريكا وايران، اكثر فاكثر، سوف يسهم في اجتذاب المزيد من العرب الشيعة الى صفوف المقاومة.

(4) واحتدام المواجهات سوف يدفع بالتيار الصدري الى حسم خياراته، خصوصاً بعدما اعلنت حكومة الجعفري، صراحة، ان جدول اعمالها لا يشتمل على جلاء المحتلين.

Posted in Uncategorized.