انتفاضة.. في النجف الاشرف

ناهض حتّر
سوف يتضح، عما قريب، ما اذا كانت منظمة «جند السماء» الشيعية، تعبر عن نزعة هوس ديني محدودة ام انها تمثل انشقاقا جديا في صفوف «الشيعية السياسية» في العراق.

لقد خاضت القوات الحكومية العراقية والامريكية معركة عنيفة ضد اتباع «جند السماء» انتهت بقتل واعتقال المئات منهم، في معقلهم بالقرب من النجف الاشرف.

وما يلفت الانتباه، هنا ان (1) قرار المواجهة مع «متمردي» النجف، كان بمبادرة حكومة الائتلاف الشيعي وان تلك المواجهة كانت شرسة ودامية وصعبة، ما يشير الى مدى قوة «المتمردين» من جهة، والى الحاح حكومة نوري المالكي، على سحقهم.

ولعل المشهد كله، يمنح الانطباع بان «جند السماء» ربما كانوا يحضرون، فعلا، لانقلاب داخلي عن «الشيعية السياسية»، يبدأ بقتل «المرجعية» التي باركت الاحتلال والعملية السياسية الاحتلالية، متمثلة في شخص السيستاني الذي اكتسب رمزية سياسية، اصبحت، اليوم مكروهة لدى اوساط تتسع باضطراد من جماهير الشيعة.

لقد استطاعت «الشيعية السياسية» في العام ،2005 استيعاب التحدي الذي مثله، حين ذاك، «جيش المهدي» بقيادة مقتدى الصدر فبعد مواجهات 2004 بين القوات الحكومية والامريكية وبين الصدريين، جرى ادماج هؤلاء في برلمان وحكومة الاحتلال، وتحولت طاقة «جيش المهدي» القتالية الى «فرق الموت» المذهبية المتخصصة في القتل على الهوية.

غير ان الافق الوطني العراقي لم يقفل ابدا، امام شيعة العراق، المختطفين من قبل احزاب وميليشيات مذهبية انعزالية، وضعت نفسها في خدمة المحتلين الامريكيين والاطماع الايرانية، ومخططات التقسيم لضمان سيطرتها على «امارة شيعية» تقوم على اشلاء العراق الموحد. وذلك الافق الوطني العراقي، هناك، اولا، التراث النضالي الممتد للجماهير الشيعية في اطار الحركة الوطنية العراقية، وهناك ثانيا، التناقضات الاجتماعية بين الاغلبية المسحوقة واغنياء الحرب; وهناك، ثالثا، صراع الهوية. فلا ننسى ان التيار العروبي متجذر منذ زمن طويل، في النضالية الشيعية التقليدية في القرن العشرين.

«جند السماء» انفجار في وجه «الشيعية السياسية» وخياراتها الامريكية والايرانية والانعزالية وقد تعقبه انفجارات تؤدي الى انقلاب شامل في المدى المنظور.

ونحن لا نتلمس هذا المسار من خلال حدث او احداث -على ضخامة دلالاتها- بل نقرأه في المداخلات الفكرية- السياسية لمرجعيات دينية من وزن سماحة الدكتور فاضل المالكي او لمرجعيات يسارية من وزن المفكر عبد الامير الركابي.

وانا ارى واتابع تمظهرات الوعي الوطني العراقي في اصوات ورؤى وصرخات، تكتظ في المشهد العراقي، بينما تسعى قوى متعددة -ومتناقضة- الى كبحها او تجاهلها خوفا من قدرة العراق على تجاوز الانشقاق المذهبي، وقيام الثورة العراقية الشاملة التي ستغير النظام الاقليمي كله، وتعصف بالهيمنة الامريكية على المستوى الكوني.

Posted in Uncategorized.