البديل

ناهض حتّر
المشروع الامريكي في العراق يغلق بلا رجاء، الجيش الامريكي مشلول كليا، والعملية السياسية الامريكية ليست ممكنة الاّ بدعم الانفصاليين الاكراد، والمليشيات الطائفية الشعبية المرتبطة بايران. وهي صيغة تهّمش السنة وتدفعهم الى «التمرد» وهل يمكن ايجاد الحل الدائم باستيعاب السنّة؟ لكن ذلك سيؤدي الى «التمرد»الشيعي. وهكذا، فإن الاحتلال الامريكي ونظامه الجديد في العراق، هما اللذان يولدان الفوضى والاقتتال الطائفي، ويؤسسان للحرب الاهلية.

لا حل في العراق، اذا، الاّ برحيل الامريكيين، وتفكيك «النظام العراقي الجديد» ودستوره وبرلمانه وجيشه وشرطته. هذه الصفحة لا بد ان تُطْوى نهائياً.

الفراغ الحاصل يمكن بل يجب – ملؤه بثلاثة تفاهمات:

(1) تفاهم عراقي على اطلاق عملية سياسية وطنية – ديمقراطية تبدأ من نقد النظام السابق وفترة الاحتلال معاً، وتفصل الطوائف عن الدولة، وترفض كل اشكال النفوذ الاجنبي، الدولي او الاقليمي، وترفض كل اشكال المحاصصة والفدرالية والتقسيم، وتؤكد على الدولة المركزية والمواطنة، والنظام النيابي الديمقراطي، والعفو العام والمصالحة وحل جميع الجماعات المسلحة.

(2) تفاهم اقليمي، عربي – عربي، وعربي – ايراني، وعربي – تركي يتمحور حول وحدة العراق واستقلاله، والتعاهد على عدم التدخل في شؤونه الداخلية.

(3) تفاهم دولي في مؤتمر يضمن التفاهمين السابقين، ويكرسهما في قرار دولي، وقوات دولية محايدة مؤقتة لضمان الامن في العراق، وتمكين العملية الديمقراطية الوطنية، وبناء الادارات والقوات المسلحة على اسس مهنية.

انه، بالطبع، مجرد تفكير بصوت عال في مشروع بديل لانقاذ العراق، وما قصدته ليس التفاصيل والجزئيات، وانما الاشارة الى المنهج الممكن لتجاوز المأزق العراقي.

وهذا المنهج يلاحظ ضرورة اقدام العراقيين على القطيعة مع الماضي، ومع الاجندات الاقليمية، والتحرر من الحيز الطائفي والاثني، واستعادة الولاء للوطن العراقي الواحد.

وهذه مهمة ملقاة – بالدرجة الاولى – على عاتق العراقيين. ولكن انجازها يتطلب التدخل المثابر للحركات والشخصيات الوطنية العربيّة في ضوء، ومن اجل تعزيز الاجندة الوطنية العراقية.

ان انقاذ العراق مهمة صعبة جدا ولكنها ماثلة وعاجلة، وتتطلب الاسهام النزيه والمباشر والحيوي من قبل الشعوب العربية وقواها الحيّة. وسيكون انجازها انتصارا تاريخيا لحركة التحرر العربيّة.

على المستوى الاقليمي، فإن انجاز اجندة عراقية وطنية مدعومة من قبل الحركات الوطنية العربية، سوف يضع ايران في مواجهة اختيار حاسم بين الاستمرار في لعبة الاطماع الاقليمية والطائفية الصغيرة في العراق، وبين التحالف العربي – الايراني، وامكاناته الخصبة في كل المجالات الاقتصادية والامنية والسياسية والثقافية والعلمية. وعلى المستوى الدولي، نرى انه آن الاوان للأقطاب الدوليين، فرنسا وروسيا والصين، التحرك بصورة ايجابيّة، للتعامل المسؤول مع الازمة العراقيّة، وتقديم المبادرات والبدائل.

وبالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، فإنه سيكون عليها ان تفاضل بين تسوية دولية للازمة العراقية، وبين تأجيل الخيارات الصعبة الى حين يكون فيه الامريكيون، مضطرين الى انكفاء عام من العراق والمنطقة.

كل هذه الآفاق – التي تبدو اليوم بعيدة جدا – سوف تقترب عندما يقرر العراقيون – بانفسهم – الخلاص، وتوحيد جهودهم وقواهم – بلا استثناء – في تكوين رؤية وطنية جديدة.

آمنوا بالعراق، وسوف تتحرك الجبال!

Posted in Uncategorized.