يأخذون برأينا!؟

فهد الخيطان
نحن نفهم، بالطبع، ان يقول كريم قعوار – سفيرنا في الولايات المتحدة – ان علاقة الاردن بالامريكيين، “استراتيجية”، فهذا التصريح موضوعي تماما، اذا كان المقصود منه ان عمان تتبع الخطى الامريكية خطوة خطوة وملتزمة بالاستراتيجيات الامريكية مئة بالمئة، في فلسطين والعراق والعالم العربي. ولكن ادعاء قعوار بان واشنطن هي التي «تأخذ برأي الاردن فيما يخص تطورات المنطقة» فهذا غير مفهوم.

هل يعني ذلك ان الدعم الامريكي للاحتلال الصهيوني للاراضي العربية يتم بنصيحة اردنية؟ هل كان الاردن هو الذي دفع الولايات المتحدة الى غزو العراق، واحتلاله، وتدين دولته، وتمزيقه اثنيا وطائفيا؟ هل الاردن، اذن، هو المسؤول عن دماء اكثر من مئة الف عراقي قتلهم الغزاة الذين اعتقلوا وعذبوا الرجال والنساء من ابناء البلد الشقيق؟ هل تجري «العملية السياسية» الطائفية التقسيمية في العراق، وفق وجهة نظرنا بالذات؟!

كلا، الولايات المتحدة لا تأخذ برأينا، نحن الذين نأخذ، حرفيا برأيها، وعلاقاتنا لا تعكس «المصالح المشتركة» – كما يقول قعوار – ولكنها تعكس موازين القوى ما دون اي احتجاج من طرفنا على السياسات الامريكية التي تضر ضررا بالغا بالمصالح الاردنية.

ان زوال الاحتلال الاسرائيلي عن الاراضي العربية والفلسطينية – حتى حدود الرابع من حزيران – واقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، وضمان حق العودة للاجئين والنازحين، هو ما يمثل المصالح الاردنية، على الجبهة الغربية، وهي مصالح يعارضها الامريكيون، ويعملون ضدها باصرار.

ومن الواضح ان المصالح الاردنية في العراق، سقطت لحظة احتلاله من قبل الامريكيين الذين اوقفوا، فوراً، المنحة النفطية العراقية للاردن، وحولوا البلد الآمن المستقر من الشريك الاقتصادي الاول للاردن، الى بؤرة توتر ومصدّر للعنف. ان تقسيم العراق الى اقاليم كردية وشيعية وسنية، هو اسوأ ما ينتظر الاردن ومصالحه الاستراتيجية. فبدلاً من ان يكون العراق عمقنا الاستراتيجي، امنياً واقتصادياً، فانه، بواسطة العملية السياسية التي يشغلها المحتلون الامريكيون في البلد المنكوب، سيتحول الى كارثة مؤلفة من اقليم نفطي تحت الاحتلال الايراني واقليم فقير مجاور تحت سيطرة القاعدة.

مصالح الاردن الاستراتيجية تتعارض، كلياً، مع السياسات الامريكية والحكومة الاردنية، تتجاهل ذلك، ارضاء للامريكي المتغطرس، اتقاء لشره ورغبة في الامان، والبقاء خارج الضغوط «الديمقراطية» وقلب هذه المعادلة رأساً على عقب، يثير السخرية.. والمرارة.

Posted in Uncategorized.