ناهض حتّر
خمسة تحديات استراتيجية تواجه الاردن، ويتوقف على النجاح في مواجهتها مستقبل البلاد.
التحدي الاول يتمثل في الاخطار السياسية الناجمة عن التوطين. ان القبول -«الواقعي» والضمني- باسس الحل الامريكي- الاسرائيلي للقضية الفلسطينية، لا يعني، فقط، شطب حق اللاجئين في العودة، بل ينسف، ايضا، امكانات قيام دولة فلسطينية ذات قدرة على استيعاب الديمغرافيا والسياسة والديناميكية الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين، بينما البوابة الوحيدة المفتوحة امامهم هي بوابة الاردن. ولا يمكن درء هذه العملية المتسارعة من دون المواجهة الجادة مع امريكا واسرائيل. وهذه، لدى الحكومة الاردنية، من سابع المستحيلات!
التحدي الثاني يتمثل في النتائج المترتبة على نجاح التواطؤ الامريكي-الايراني في العراق. وهو ما يعني تقسيم البلد الى دويلتين نفطيتين في الشمال والجنوب ودويلة طالبانية في المحافظات الغربية المجاورة في الاردن. لن نحصل، بعد، من العراق على نفط رخيص وسوق مفتوح لسلعنا وخدماتنا، بل على مجاهدين من جهة، وعدائية فارسية مفرطة من جهة اخرى. بالاضافة الى خطر تحول الوجود العراقي في الاردن الى لجوء دائم، يطرح مشكلات سياسية واجتماعية.. الخ.
التحدي الثالث يتمثل في حركة اسعار النفط نحو الارتفاع المستمر ربما الى 100 دولار للبرميل، الاقتصاد الاردني كله والبنى التحتية والنقل والمواصلات، هيكل مؤسس على النفط المجاني او الرخيص. ولكي يستطيع الاردن ان يتحمل اعباء النفط المرتفع الثمن، فعليه ان يواجه مهمات جسيمة تعيد صياغة اقتصاده وموازنته وبناه التحتية ومعادلاته الاجتماعية لا بد من تسريع وتكثيف الاستثمارات ذات الصدقية، وفرض الضرائب التصاعدية على الدخل وتحصيل ضريبة الربح الرأسمالي على العقارات، وبناء السكك الحديدية ونظام مواصلات عامة فعال، واعادة نشر الدوائر الحكومية والمؤسسات، وتنظيم بدائل للتدفئة.. الخ.
التحدي الرابع يكمن في الاستنزاف المتزايد للموارد المائية الشحيحة، وهو ما يهدد سكان الاردن بالعطش ويهدد البيئة الاردنية بالخراب. ويتطلب استثمارات ضخمة للغاية، من اجل تزويد التجمعات السكنية خصوصا في عمان -بالمياه.
التحدي الخامس نراه في الانتشار المتزايد للفقر، بل وولادة 20 منطقة جوع -جوع بالمعنى الحرفي لا المجازي- في البلد، 18 منها في المحافظات والبادية ويظهر ان هذه المشكلة قد خرجت عن السيطرة.. وامكانات العمل الاجتماعي. وهي تعبر عنه وتترافق مع جمود عميق في امكانات تولية فرص العمل، والبطالة بكل انواعها، وفقدان الامل والتهميش السياسي. وهي التربة الاجتماعية والنفسية الملائمة لبروز التطرف والارهاب.
اما اجتماع التحديات الخمسة-وهي متداخلة ومترابطة- فيطرح على الفور مهمة الانتقال الى الديمقراطية الكاملة، بحيث يتحمل الاردنيون المسؤولية عن مصيرهم.