ناهض حتّر
في التصدي البطولي والناجح الذي خاضته المقاومة في مواجهة العدوان الاسرائيلي الاخير، قدم حزب الله – ومجتمعه – ولبنان كله، اكثر ما يمكن في معركة الأمة. وبالنتيجة حدث تغيير في موازين القوى لم يستفد منه العرب حتى الان، ولا بد لهم ان يستفيدوا منه بتصعيد المقاومة ضد المحتلين، والنضال السياسي السلمي داخلياً، وحتى بتحسين مستوى المقاربات الدبلوماسية..
لكن حزب الله – مثلما اوضحنا بالامس – ملتزم بعدم التدخل في الشؤون العربية الداخلية، وملتزم بالحفاظ وبالدعوة للحفاظ على الطابع السلمي للصراعات الداخلية، لبنانياً وعربياً..
(1)
على المستوى اللبناني، حققت المقاومة في الحرب الاخيرة، انتصاراً حاسماً، من حيث ان لبنان، ضمن او انه سوف يضمن في النهاية ما يلي:
1) استرداد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وهي بالاضافة الى قداسة الارض، تشكل على صغرها «حوالي 200كلم2» ثروة مائية وسياحية تحقق اسرائيل منها الان اكثر من مليار دولارسنوياً.
2) تبادل الاسرى، بكل معانيه السيادية والوطنية.
3) تحصين حدود لبنان ضد الاعتداءات الاسرائيلية، ونهب المياه، وزرع الالغام الخ.. فالمقاومة علمّت اسرائيل درساً قاسياً جداً، وغدا واضحاً ان التدخل في لبنان ليس نزهة.
كل ذلك دون ان يقدم لبنان اي تنازل، ومن دون معاهدة سلام مع اسرائيل. وبالمحصلة، سيكون لبنان الاقوى في اية مفاوضات مستقبلية حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية، فيما يتصل باولوية عودة اللاجئين الفلسطينيين، ففي اي سلام قادم بين الدولتين، لن يكون لدى اسرائيل ما تقدمه او تبحث فيه مع لبنان، سوى قضية اللاجئين، فلبنان استطاع، اذاً، ان يحقق افضل الشروط للتعاطي مع العدو الاسرائيلي، حرباً او سلماً..
(2)
.. ان انتصار المقاومة وحلفائها في لبنان، اخرج البلد من دائرة الهيمنة الامريكية – الغربية، وقضى على اهداف استلحاق لبنان بالمشروع الامريكي الاسرائيلي.
تستطيع المقاومة توظيف انتصارها للحفاظ على وتعزيز استقلال لبنان، وتحسين شروط نشاط الحركة الوطنية، وادامة الصيغة الديمقراطية التوافقية، وترسيخ الوحدة الوطنية.
المقاومة بنفوذها وتحالفاتها التي تشمل القسم الاكبر من المسيحيين بزعامة ميشيل عون، بالاضافة الى الاحزاب اليسارية والقومية والشخصيات العروبية – السنية – يشكل افضل ضمانة لتلافي الانقسامات الطائفية والمذهبية، واقامة التحالفات على اسس سياسية بالدرجة الاولى.
(3)
الحراك السياسي الجديد في لبنان سوف يحرك كل الديناميات الايجابية للمجتمع اللبناني، اقتصادياً وثقافياً. وسوف يستفيد اللبنانيون، من الاحترام الكبير الذي حظي به هذا البلد، عربياً ودولياً. ومن الواضح ان هناك دفعاً هائلاً باتجاه مساعدة لبنان على اعادة الاعمار، والتطوير..
***
وتلك.. كلها مكاسب لبنانية من الانتصار..
***
ولكن، على المستوى العربي.. فالانتصار اللبناني هو اولاً، رمزي.. وهذا مهم جداً – غير انه يظل، ثانياً، في حدود التأثير غير المباشر. وهو، ثالثاً، سيكون صغيراً او كبيراً، بقدر ما تتفاعل الشعوب العربية مع الكوة التي فتحها اللبنانيون في الجدار الامريكي – الاسرائيلي..
يتبع..