سمك لبن تمر هندي

ناهض حتّر
مشروع “التجمع الديمقراطي” هو لقاء ضروري بين مأزومين من بقايا احزاب يسارية وقومية- اصبحت هي نفسها في ذمة التاريخ- بل قل هو لقاء عابر بين افراد مهمشين سياسياً ليس لهم ارتباط بالافكار السياسية الكبرى في عصرنا او علاقة عضوية بالقوى الاجتماعية الفاعلة. ومن البدهي ان يكون هذا اللقاء متعثراً جراء اصطدام الاجندات الشخصية للباحثين عن دور فردي، ويأملون بتحسين شروطهم من خلال التلاقي- المؤقت حتماً-

من مظاهر أزمة «التجمع الديمقراطي» انه لم يعد يعلن عن اسماء القائمين عليه وبما ان «التجمع» ليس متجهاً، بالطبع الى العمل السري، فالتفسير الوحيد الممكن لسريّة الاسماء هو الخلاف على المواقع والادوار.

لم يقدم «التجمع الديمقراطي،» رؤية سياسية جديدة للتعامل مع المعطيات والاحتياجات والقضايا التي يطرحها تطور المجتمع الاردني، ولم يتعاط مع الاسئلة الكبرى، اردنياً وعربياً، لا على المستوى الفكري ولا على المستوى السياسي، و«وثائقة» هي تجميع غير منظم لنتف برامجّية من دون اي اتساق، ويصح عليها الوصف الشعبي: «سمك ،لبن، تمر هندي!»

إلا ان «القطبة المخفية» وراء مشروع «التجمع الديمقراطي» هو صلته غير العلنية، ولكن المتعددة الاشكال، مع الليبراليين الجدد الذين ينظرون الى هذا «التجمع» بوصفه احتياطياً سياسياً، ولا اتحدث عن «مؤامرة» ولكن عن صلات فعليه قائمة على غير صعيد بين الطرفين.

يلحّ «التجمع الديمقراطي» على نظام انتخابي يجمع بين أسوأ نظامين انتخابيين هما: «الصوت الواحد في دائرة فردية» و«القائمة على مستوى المملكة» وهذه مجرد تسوية بين دعاة الاوتوقراطية ودعاة الوطن البديل.

ان القضية المركزية التي تواجه الديمقراطيين الاردنيين الحقيقيين هي العودة الى دستور ،1952 وتعزيز الآليات الدستورية في التشريع والادارة وتشكيل الحكومات والرقابة البرلمانية في اطار الحفاظ على الهوية الوطنية للدولة الاردنية.

وهو ما يتطلب موقفاً مبدئياً يرفض التسوية البائسة المطروحة، ويلح على نظام انتخابي وطني ديمقراطي عماده القائمة على مستوى المحافظة، من دون المساس بالتركيبة الحالية للتمثيل النيابي.

ان اية انتخابات تجري على مستوى المملكة، هي انتخابات تأخذ بالاعتبار اولوية السكان على الجغرافيا الاجتماعية- السياسية. وهو ما يجعل التمثيل النيابي مختلاً على كل حال بالنظر الى عدم التساوي في توزيع الثروة والنفوذ، لكن في ظروف الاردن الخاصة، فانه سيشكل اداة من ادوات تصفية القضية الفلسطينية، وحق العودة.

وبالمحصلة، فان الذهاب الى هذه المنطقة المحرمة، لن يكون ثمناً -ولو باهظاً- للتغيير الديمقراطي، بل للانشقاق العمودي وتكريس اساليب الحكم القديمة، والتعاطي مع الحل الشاروني.

Posted in Uncategorized.