الرد السوري: لا مناص من القتال

ناهض حتّر
تواجه سورية هجمة أمريكية – اسرائيلية- «عربية» غير مسبوقة:

– إيهود أولمرت رئيس وزراء العدوّ – المهزوم في لبنان- يعلن بوقاحة يظن بأنها تستعيد ماء وجهه المسفوح على أيدي رجال حزب الله- أن «الجولان جزء من اسرائيل» ويتعهد، شخصياً، بعدم التفاوض حولها.

– وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية التي سقط حملها الكاذب بالشرق الاوسط الجديد، ما تزال في عهد الوحام وهي تطلب من المجتمع الدولي «فرض عقوبات على سورية بسبب دورها في العراق ولبنان».

– والحلف العربي المضاد للمقاومة يضغط، من جهته، لاستبعاد سورية من تحريك «العملية السلمية» لصالح التركيز على تنشيط ودعم الرئاسة الفتحاوية للقضاء على حكومة حماس في فلسطين.

– قوى 14 اذار في لبنان، بل قل: قوى الحرب الاهلية، تعتبر سورية -لا اسرائيل- العدوّ الذي ينبغي مقاومته، حسب سمير جعجع ووليد جنبلاط.

سورية، القابضة على الجمر بين احتلالين، أمريكي يهددها في العراق، واسرائيلي يجثم على جزء من اراضيها، من حقها – وواجبها- ان تدافع عن نفسها خارج الأسوار في العراق وفلسطين ولبنان. ولعله من النافل ان تقول ان الذي يستحق العقوبات الدولية هو العدو الاسرائيلي الذي يحتل ارضاً سورية ويعتبرها جزءاً من كيانه، ولا تزال يداه ترشحان منهما دماء اللبنانيين، ولا تزال قنابله العنقودية تقتل اطفالهم، بعدما دمرت بنيتهم التحتية ومنازلهم.

ولعلّه من النافل، أيضاً، أن نقول انه اذا كان ثمة مجرم في هذه المنطقة فهو الولايات المتحدة الامريكية التي تستحق، أكثر من أي كان، فرض العقوبات الدولية عليها، أقله بسبب غزوها للعراق وتدميره وتمزيق مجتمعه اثنياً وطائفياً.. وأقله لاصدارها الأوامر لاسرائيل بتدمير لبنان.

لكن ذلك من نافل القول. فالصراع مع الاستعمار – والصهيونية لا يعرف الرحمة ولا يتعظ بالاخلاق، ولا تصدّه المساجلات القانونية، ولا ينفع معه الاقتصار على استراتيجية الدفاع خارج الاسوار. فهذه الاستراتيجية تآكلت، وفقدت فعاليتها السياسيّة في مناخات ما يسمّى «الحرب على الارهاب» وبصورة خاصة، بسبب الانقسام السياسي الصريح الحاصل في العالم العربي بين محورين، احدهما في خط التحالف مع امريكا واسرائيل، وثانيهما في خط التحالف مع ايران.

استراتيجية الدفاع خارج الأسوار – التي صممها الرئيس الراحل حافظ الاسد- كانت مفيدة وفاعلة، في سياق الحد الادنى من التضامن العربي المكفول بالمحور السعودي- المصري- السوري.

الآن: السعودية ومصر تركتا سورية وحيدة، ومضطرة للتحالف مع ايران من موقع آخر، غير الموقع القيادي الذي كان في زمن الأسد الكبير.

أعني ان دعم سورية للمقاومات خارج ارضها كان، في السابق، مؤثراً، لانه كان يحظى بحماية سياسية من النظام العربي. وقد زالت هذه الحماية الآن، واصبح على سورية ان تخوض معاركها بنفسها.. وعلى ارضها بالذات.

لا يعني ذلك، بالطبع، أن تتوقف دمشق عن تقديم الدعم متعدد الأشكال لحلفائها في حركات المقاومة العربية، لكنه يعني ان هذا الدعم لم يعد بديلاً استراتيجياً عن اعادة ترتيب البيت السوري ديمقراطياً، والاستعداد للمقاومة والقتال.

Posted in Uncategorized.