ناهض حتّر
جرت انتخابات 2003 في ظل الاحباط الناجم عن احتلال العراق، وعلى أساس نظام انتخابي مصمم لعزل الشخصيات الوطنية والثقافية والنشطاء السياسيين، لصالح معادلة تحكمها العصبيات المحلية الصغيرة.
ومع ذلك، فان العلاقة الانتخابية بين النواب وقواعدهم، هي، في النهاية، ذات طابع سياسي. وكذلك فان ضغط الرأي العام والصحافة المستقلة والاحزاب، تجر هؤلاء جراً الى السياسة.
عندما فاز اعضاء المجلس الحالي، قبل حوالي سنتين، كانوا، في اغلبيتهم، مجرد مواطنين مغمورين يتسابقون للحصول على صورة تجمعهم مع رئيس الوزراء (علي ابو الراغب) لكن معظمهم ادرك، لاحقاً، أهمية الموقع النيابي، ودخل أغلبهم في معارك او تحالفات او صفقات سياسية. وقد سعى رئيس الوزراء (الثالث بالنسبة للمجلس النيابي الحالي) الى استرضاء النواب، وكان هو مسروراً بالتقاط الصور معهم.
ولان السياسة – بالنسبة لأشباه المثقفين غير الملتزمين – ترتبط بالانتهازية، والفصام بين القول والفعل، فان تسييس «نائب الصوت الواحد»، غالباً ما يظهر على هيئة شطارة تثير غضب الحاكمين والمحكومين معاً. وهذه محصلة المحاولة النيابية لارضاء الحكومة والشعب، والحصول على المكاسب والاحترام، في الوقت نفسه.
منح نواب الاعتراض على حكومة عدنان بدران، الثقة الكافية لحكومة ذات أغلبية، مع انها – أي الحكومة – معزولة شعبياً بصورة غير مسبوقة. وهو ما مكنهم – أي اولئك النواب – من الاستمرار بالهجوم، اولاً بتشكيل لجنة التحقق في صرفيات برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، وثانياً بالزيارات التفتيشية للدوائر والمؤسسات. ولولا قيام الحكومة بفض الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي، لكُنَّا شهدنا مساجلات ماراثونية تحت القبة، حول كل كبيرة وصغيرة.
ينبغي القول ان «لجنة التحقق» المذكورة، حققت، بمجرد تشكيلها، انجازاً سياسياً من حيث التشكيك – الذي لا براء منه – في نزاهة البرامج المرتبطة بالنهج الكمبرادوري، بينما تربك الجولات التفتيشية، الحكومة الدائخة اصلاً، التي ترد بهجمات سياسية واعلامية متقطعة، وتغري النواب، فرادى، بالمزيد من المكاسب الخاصة.