ناهض حتّر
رحيل المحتلين .. والمصالحة بين العراقيين،الركيزتان الرئيسيتان للخروج من المأزق.
كشف تقرير عسكري امريكي متاح على الانترنت، ونشرت «نيوزويك»، في عددها الاخير، مقاطع منه، ان العمليات الموجهة ضد الامريكيين في العراق، تشكل حوالي ثلثي اعمال العنف التي يشهدها العراق. وهذه الحقيقة تجعلنا نستنتج الآتي:
1 – ان الاعلام العربي – والدولي – يخضع، بصورة شبه كاملة، للتوجيه الميداني من قبل الاحتلال الامريكي في العراق. فبينما تنهمر الانباء التي تتحدث عن عمليات عنيفة تتعلق باهداف عسكريةاو مدنية عراقية، نواجه نوعاً من الصمت او انباء متفرقة قليلة من العمليات التي تستهدف الامريكيين. والهدف من وراء ذلك واضح وهو تشويه سمعة المقاومة العراقية لدى العرب، وحرمانها من التأييد السياسي.
2 – ان عمليات العنف التي تستهدف العراقيين -وهي ليست كلها ارهاباً، اذ ان جزءا كبيرا منها يستهدف متعاونين او دوريات مشتركة مع المحتلين – لا تمثل، في حال عن الاحوال، ثقلاً سياسياً رئيسياً في العراق، بل هي تتم على هامش المقاومة. وربما من جهات معادية لها تستفيد من الفوضى الامنية.
3 – فقد الاحتلال الامريكي امكانية السيطرة على العراق، ولم يعد معنياً بمعركة فاصلة ضد المقاومة، بالنظر الى ان معركة كهذه مستحيلة.ولذلك، فالمحتلون يخرجون من الصورة الاعلامية بينما، يخططون للانسحاب من المدن والارياف والشوارع الى اربع قواعد رئىسية تحمي من يبقى من جنودهم على ارض العراق، بينما يدفعون، سياسياً ونفسياً واعلامياً، الى «تعريق» الصراع.
4 – ان فشل القوات الامريكية في وأد المقاومة العراقية التي تسيطر الآن، بالفعل، على مناطق ومقتربات وطرق رئيسية في كل انحاء العراق، يقود الامريكيين، مرة اخرى، الى استنتاجات خاطئة: منها السعي الى استرضاء واستيعاب «العرب السنة»، في العملية السياسية، على اسس طائفية، وفي الوقت نفسه، التواطؤ مع المليشيات الطائفية والعرقية لمجابهة المقاومة. وهاتان سياستان متناقضتان، ولا تقتربان من المخرج. فالمقاومة العراقية هي اكثر وطنية وتجذراً وقوة من ان يمثلها «زعماء» طائفيون سنة، بينما لا يستطيع هؤلاء «الزعماء» تسويق انفسهم في ظل التواطؤ الامريكي – المليشياتي.
5 – ما تزال الحقيقة السياسية الرئيسية في العراق تكمن في جدل الاحتلال والمقاومة، في حين ان القوى الاخرى، المتعاونة او الوسيطة او الطائفية الخ، هامشية.
6- لا يمكن للعملية السياسية العراقية ان تكتسب الصدقية من دون ان تطرح القوى المشاركة فيها، مسألة الجلاء الكامل للاحتلال، في اطار جدول زمني محدد.فمن الواضح ان هذا الجلاء سوف يوقف ثلثي العمليات العنيفة في البلاد، ويجعل الثلث الباقي غير مشروع بالفعل.
7 – لم يعد بامكان اي سياسي عراقي جادّ ان يتجاهل حقيقة المقاومة العراقية، ولم يعد بامكان الاخيرة ان تتجاهل المستجدات الحاصلة في السياسة العراقية، وضرورة الخروج بالبلاد من المأزق وبالتالي، فان الحوار الوطني العراقي لا بد له من ركيزتين محوريتين: الجلاء والمصالحة. فمن دون «الجلاء» لن تكون «مصالحة». ومن دون «مصالحة» لن يكون هناك خروج من المستنقع الطائفي والخراب والفوضى الى افق نهضة العراق.