ناهض حتّر
من وجهة نظر عراقية، ستكون هناك تقييمات متباينة لبيان الوفاق الوطني العراقي، وسوف تنجم عنه تفاعلات مختلفة عديدة. لكن، من وجهة نظر اردنية، فإن هذا «البيان» يصلح تماما لايجاد اجماع وطني اردني، وتأسيس سياسة اردنية جديدة نحو العراق.
النقطة الاساسية، بالنسبة الينا الآن، هي ان «البيان» يعزل الارهاب سياسيا، ما يخلق الاساس لنشوء سياق يعزله فعليا، ويدرأ عنا خطره المدمر. لكن، الى ذلك، فإن «البيان»، يستجيب لكل وجهات النظر الاردنية. فهو يشرّع المقاومة، ويطالب بانسحاب قوات الاحتلال من العراق، ومساعدته على بناء قواته، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع بغداد، وتعريب المسألة العراقية .. الخ.
ونحن نريد ان تندرج وجهات النظر الاردنية كلها، في سياسة واحدة، تصبح هي سياسة الدولة الاردنية نحو العراق، وبذلك، تتجاوز الخلاف الداخلي من اجل البحث في كيفية اعادة بناء الدور الاردني، والتأسيس لعلاقات اردنية – عراقية جديدة، تستعيد عناصرها الاستراتيجية.
لم يبق عذر امام الحكومة الاردنية، الآن، للامتناع عن فتح خطوط الاتصال العلنية الثابتة مع كل الوان الطيف العراقي. فطالما ان الاطراف العراقية قد اجتمعت معا، وتوافقت على الحد الادنى المشترك، فلن يكون لأي منها اعتراض على الانفتاح الاردني عليها جميعا، بما في ذلك فصائل المقاومة العراقية التي دعاها الرئيس العراقي المؤقت، جلال طالباني، نفسه، للحوار.
علينا ان نمد يد المساعدة للجميع، ونمارس ضغوطا ايجابية نحو المصالحة الداخلية، ونعيد بناء دورنا في العراق، ما يطعينا القدرة على الاندماج في الحل العربي للمسألة العراقية.
وكنا نأمل ان تشتمل الحكومة الجديدة على وزير خارجية له من الثقل وعنده من الدينامية، ما يمكنه من تشغيل السياسات التي نقترحها عراقيا. لكننا نعتقد بضرورة تشكيل خلية ازمة للتعامل مع الشأن العراقي، بكل أبعاده ومعطياته واحتمالاته.. ولعله من الضروري، في هذا السياق، تشجيع الشخصيات والقوى الاردنية، على تأسيس هيئات ناشطة في مساندة الشعب العراقي، وفي مقدمتها، بالطبع، هيئة دعم المقاومة.
نحن – كما هو معروف – نستقبل عشرات آلاف العراقيين، وسهلنا ونسهل عليهم الحياة في ظروفهم الصعبة. ولكننا نفعل ذلك بروح الفندق مدفوعين بنزعات ميركنتيلية، قد تفيد قطاع العقارات والخدمات والتجارة، ولكنها ستهمش الاردن ودوره الاقليمي.