ناهض حتّر
في مقابلات صحافية، اظهر الغزّيون المقيمون في الاردن، تفاؤلا بالعودة الى القطاع المحرر قريبا، بل ان بعضهم بادر الى تقديم الشكر الى الاردنيين على حُسْن الضيافة!
غير ان الحكومة الاردنية لم تحرك، حتى الآن، ساكنا، ازاء التطورات الحاصلة في فلسطين. انها تواصل سياسة التسويف والتجاهل، وكأن قضية تحرير غزة – واستحقاقاته – لا تعنيها، وهذا هو الحال بالنسبة للسلطة الفلسطينية ومعارضيها على السواء.
للغزيين في الاردن – سواء أكانوا لاجئين في غزة أو من ابنائها – مصلحة مباشرة بالعودة. فهي تعني لهم ثلاثة تطورات ايجابيّة، اولا، تطبيع وضعهم القانوني، فالغزيون ليسوا مواطنين اردنيين، وبانتقالهم الى غزة سيحصلون على الجنسية الفلسطينية، وينتهون من الوضع المعلق اللاانساني الذي يعيشونه، ثانيا، ان عودة الغزيين السريعة الى القطاع، سوف تمنحهم فرصة المشاركة في اعادة البناء، والحصول على حصة سياسية واقتصادية في هذه العملية، ثالثا، أن الازدهار الاقتصادي المتوقع في قطاع غزة، سوف يؤمن لهم فرصا استثمارية «للاغنياء» وفرص عمل للفقراء.
لكن حسابات القرايا لا تطابق حسابات السرايا، فالحكومة الاردنية ملتزمة باتفاقاتها وتفاهماتها مع اسرائيل، وهي تظهر عجزاً منهجيا عن التفكير والعمل خارج الايقاع الامريكي – الاسرائيلي. وبالنسبة للمسؤولين الفلسطينيين، فليس لهم اية مصلحة باستقبال مواطنين جدد او شركاء في كعكة المساعدات الدولية والاستثمارات والوظائف .. الخ
وهكذا، سيظل الغزيون عالقين في الاردن: لا هم اردنيون ولا هم فلسطينيون! وهذا مشهد معتم عليه من مآسي الشعب الفلسطيني.
انه لمدهش هذا الصمت ازاء استحقاقات الانسحاب الاسرائيلي من غزة، وأبسطها عودةالمهجرين من ابناء القطاع او تسوية وضعهم القانوني، وهذا الاستحقاق بالذات غير قابل للتأجيل او التسويف او التجاهل. فهو ليس جزءاً من القرار الدولي 194 «الخاص بحق العودة للاجئين» ولكنه جزء لا يتجزأ من استحقاقات الانسحاب الاسرائيلي من غزة والانفصال عنها، وتطبيع الاوضاع فيها، انه مطروح، وفقا للقانون الدولي، حال مغادرة آخر عسكري او مدني اسرائيلي، قطاع غزة.
بخلاف ذلك، ينبغي على الفلسطينيين والعرب، فضح المخطط الشاروني لتحويل غزة الى سجن كبير لا الى قطاع محرر يسيطر على معابره ومياهه الاقليمية واجوائه، ويكون قادراً على استرداد ابنائه النازحين والاسرى.
وبالنسبة للحكومة الاردنية، فان السؤال المطروح الذي لا مهرب من الاجابة عليه: هل هناك اتفاق مع اسرائيل وامريكا لمنح الغزيين المقيمين في الاردن، الجنسية الاردنية؟ أهو الثمن الذي وافقت عمان على دفعه لقاء الانفصال الاسرائيلي عن غزة؟؟ قولوها صراحة او طالبوا صراحة بتحقيق آمال الغزيين المقيمين بين ظهرانينا.