الجائزة الكبيرة؟

ناهض حتّر
تشير عدة تقارير صحافية الى ان مدة الخطة الاسرائيلية للعدوان على لبنان، هي ثلاثة اسابيع. وهي تهدف الى تحقيق انجازين تكتيكيين هما (1) تدمير قدرات حزب الله العسكرية (2) واضعاف الحزب سياسيا من خلال تدمير البنى التحتية والمرافق والقتل على نطاق لبنان كلّه، مما سيدفع اللبنانيين، في النهاية الى الضغط على «المقاومة الاسلامية» للانكفاء.

وتلمح الخطة، ضرورة عدم توسيع الحملة البرية اكثر من الشريط الحدودي، وعدم التورط في «مستنقع» لبناني، جربته اسرائيل لفترة 22 عاما، وقررت الخلاص منه بالانسحاب من الاراضي اللبنانية، العام .2000

غير ان تل ابيب آثرت مضطرة الى تعديل خطتها الاساسية، والتورط من دون حدود في حرب مفتوحة، بقرار امريكي-عربي، يسعى الى استثمار الحرب من اجل تحقيق اهداف استراتيجية على مستوى الشرق الاوسط كله. وتتمثل هذه الاهداف في الآتي:

1- استئصال حزب الله وضرب القوى الحليفة لسورية وايران في لبنان، وتسوية الملف اللبناني، نهائيا، في سياق خط قوى 14 آذار بزعامة آل الحريري.

2- اضعاف سورية وارغامها على الامتثال، في الشأنين الفلسطيني والعراقي، للارادة الامريكية – العربية، وعند اللزوم، ضربها في سياق الحرب المفتوحة.

3- عزل ايران وتقليم اظافرها وتحجيمها اقليميا، ولكن، بالاساس، شلّ قدرتها على التدخل في الشأن العراقي.

4- دفع المقاومة العراقية الى الاستسلام، وادماجها في الترتيبات السياسية الامريكية للعراق، عن طريق تشديد الضربات، والتفاوض، وتعميق الانقسام الطائفي في البلد.

5- الاستسلام غير المشروط للمقاومة الفلسطينية، وادماجها في السقف السياسي للسلطة الفلسطينية، والعودة الى المفاوضات الثنائية وصولا الى حل نهائي – سوف يلحظ، بالطبع، الشروط الاسرائيلية – ولكنه لن يكون نسخة من خطة شارون – أولمرت «للانفصال من جانب واحد»، بل نسخة معدّلة تأخذ بالاعتبار الضرورات العملية لانجاح الخيار الاردني.

هذه هي، الخطوط العامة «للشرق الاوسط الجديد» التي تسعى الادارة الامريكية الى تحقيقها. وهي تتجاوب مع مصالح بعض الدول العربية. ان الحاكم العربي -الذي لا تقيم بلاده علاقات مع اسرائيل- والذي فاجأ رئىس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، باتصال هاتفي حميم، قائلا له «شعرت بالحاجة الى مساندتك»، ليس فاقدا لصوابه. انه يعرف -بالضبط- ماذا يريد واين تكمن مصالحه.

لقد انفتحت شهية واشنطن، مرة اخرى، للحرب -بعد ثلاث سنوات من الفشل في العراق- وجددت ايمانها بالوسائل العسكرية لتحقيق مشروعها في الشرق الاوسط، لكنها الان تريد الحصاد السياسي السريع تحت القصف. وعلينا ان نلاحظ، هنا ان الادارة الامريكية، تضغط على تل ابيب لمواصلة الحرب المفتوحة، وتستقدم قوات اضافية الى العراق، وتسعى، في الوقت نفسه، صراحة، الى «عزل سورية وايران» واجبار الفصائل الفلسطينية على «التفاهم» في اطار الخط السياسي للرئاسة الفلسطينية.

على هذه الخلفية، لم يعد بامكان ايهود اولمرت ان يقرر وقف اطلاق النار، وفق الخطة الاسرائيلية الاصلية. ولن يمكنه البقاء في اطار المنظور الامني لعملية برية محدودة بعدة كيلومترات، للسيطرة الموضعية والتطهير، اذ غدا مطلوبا منه -امريكيا وعربيا- التقدم نحو بيروت بأي ثمن. وتلمح الصحافة الاسرائيلية الى ان اولمرت سيقاوم الضغوط الامريكية لتوسيع الحرب البرية او انه سيقدم -بالمقابل- فاتورة سياسية ضخمة، للامريكيين والعرب -بالاضافة الى الفاتورة المالية- سيكون من الصعب تسديدها من دون انهيار مجمل التصور الامريكي -العربي «للشرق الاوسط الجديد»، المعتمد على غلق الملف الفلسطيني بصورة «مقبولة»، ما يتطلب حدا ادنى من التنازلات ترفضه اسرائيل، وتجد انها لست مضطرة الى تقديمه.

ومع ذلك، فقد تورطت اسرائيل في الحرب المفتوحة بالفعل. وهي ستنزلق تحت الضغوط، وفي سياق ديناميات المواجهة، الى «حقول القتل» التي اعدتها المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان، والى المواجهة مع سورية، وربما ايران. وهي لن تفعل ذلك من دون «جائزة كبيرة» في المجال الفلسطيني -الاردني. وسيجد الامريكيون و«العرب» انهم مضطرون الى تقديم هذه الجائزة في سياق الاحداث.

هكذا، يمكننا القول ان حزب الله يقاتل في جنوب لبنان، دفاعا عن فلسطين والاردن، مثلما يدافع عن لبنان وسورية، ويقدم انموذجا عمليا للعراقيين من اجل تلافي الاقتتال الطائفي في العراق، وتأمين الشروط السياسية والثقافية والنفسية لانطلاقة جديدة للمقاومة العراقية. فهل يبقى حزب الله وحده في الميدان؟ نتابع غدا.

Posted in Uncategorized.