ناهض حتّر
منذ نيسان ،2005 اعتقلت السلطات الايرانية، حوالي 25000 خمسة وعشرين الفاً من عرب الاهواز، وقتلت 131 منهم، بينما «اختفى» 150 آخرون.
ويقول بيان صادر عن «حزب التضامن الاهوازي» ان السلطات تدفن جثث ضحاياها في مقابر جماعية سطحية، يسميها المواطنون «مقابر اللعنة».. التي تنبشها الكلاب الضالة، وتنثر بقايا الجثث في العراء.
وخلال الأسبوع الماضي، نفذت السلطات الايرانية، وجبة جديدة من الاعدامات بحق ثلاثة من العرب الاهوازيين بعد محاكمة صورية، بتهمة «معاداة الله ورسوله». وهي تهمة جزاؤها الموت في ايران، ويتم استخدامها ضد المعارضين الاهوازيين على نطاق واسع.
وتمارس الاجهزة الامنية الايرانية ضد معتقلي الاهواز، أشكالاً فظيعة من التعذيب الجسدي والنفسي، وتنتزع الاعترافات بالعنف، وتصدر أحكاماً بالاعدام لا تخضع للمعايير القانونية الدولية. وحتى الاعدامات، يتم تنفيذها بطريقة خاصة، بوساطة رافعة اثقال لإطالة أمد العذاب للمحكومين.
الاهواز مقاطعة عربية تقع جنوب غرب ايران، وتشكل العشائر العربية الشيعية، حوالي 75 بالمئة من سكانها، وهي كانت حتى العقد الثاني من القرن الماضي، إمارة مستقلة، جرى ضمها الى ايران بالخديعة والقوة وبالتواطؤ مع الاستعمار البريطاني.
الأهواز – عربستان – منطقة غنية بالنفط. ويقطنها حوالي اربعة ملايين يعانون الاضطهاد القومي والقمع الدموي، ويحظر على عربها، التعبير عن الذات، ولا تشفع أخوة المذهب لهم عند السلطات الايرانية التي تعتمد سياسات قومية فارسية معادية للعروبة بغض النظر عن الدين والمذهب. وهي تمنع الاحزاب والنقابات والاتحادات الطلابية والجمعيات العربية من النشاط الشرعي او الترشح للانتخابات، في إطار سياسة التفريس التي تحفزها ثروات الأهواز النفطية. وقد انتقلت هذه السياسة الى طور غير مسبوق من العنف والاضطهاد الجماعي، بعد احتلال العراق ،2003 حين انتهت بعض مظاهر التساهل التي شهدها اقليم الاهواز، في التسعينيات.
ويعود ذلك، في رأيي، الى ان خطة ابتلاع جنوب العراق – بالتواطؤ مع الاستعمار – الامريكي هذه المرة – تقتضي «تأمين» منطقة الأهواز المحاذية، لئلا تفلت النهضة الشيعية العربية من أيدي الايرانيين، وتنعكس – قومياً – بحيث تتحول الى استرداد الاهواز، بدلاً من ان تبتلع طهران، جنوبي العراق!
ان العلاقة بين المذهب والقومية في «التداخل» العراقي – الايراني، هي علاقة معقدة للغاية وهي تتضمن احتمالات استراتيجية متضادة، يحكمها الصراع – الحتمي – بين التشيع العربي – الممتد الى داخل ايران، وفوق أغنى حقولها النفطية – وبين التفريس الذي يتخذ من المذهب الشيعي ذريعة للتمدد داخل العراق وفوق اغنى حقوله النفطية.
وللأسف، فان التغطية الاعلامية الاستشراقية المنبطحة تحصر نفسها في التعاطي مع الصراع الهامشي العابر – السني الشيعي في العراق – ولا تلتفت الى الصراع الاستراتيجي – المستتر ولكن الفاعل – بين نهضة الشيعة العرب في العراق والمنطقة، وبين الدولة القومية الايرانية.
في هذا الصراع تتواطأ طهران مع الاستعمار الامريكي، بينما تسعى جهات عربية رسمية وطائفية الى التحالف مع الامريكيين ضد طهران! وهو ما يؤبِّد المظلة الامريكية لصراع مذهبي رجعي يحطم المجتمعات العربية في العراق والخليج.
وللخروج من هذا المأزق، ينبغي بناء استراتيجية ذات شقين، «1» أولوية النضال ضد الاستعمار الامريكي نحو إزالته «2» الاعتراف غير الملتبس بالمكوِّن الشيعي لعروبة جديدة ديمقراطية توحد – ولا تلغي – كل المكونات العربية. وعندها سوف تصبح مهمة درء التوسع الايراني، هي – بالدرجة الاولى وربما القطعية – مهمة الشيعة العرب. وفي العراق الآن أصوات وحركات تبشر بهذا الاتجاه.