حزب الله .. لبنانياً: خط المقاومة والتغيير

ناهض حتّر
في مهرجان الانتصار المليوني الذي عقده حزب الله، امس، اظهر انصار التحالف المؤيد للمقاومة والتغيير، انهم يشكلون الاكثرية الشعبية والسياسية في لبنان، في مقابل، «الاكثرية» النيابية التي تحكم، واصبحت اعتبارا من 22 ايلول الحالي، عاجزة – حسب نصر الله – عن الحكم.

لقد ظهّر المهرجان المليوني، صورة الازمة السياسية في لبنان، النابعة من ان الاغلبية اللبنانية غير ممثلة، في البرلمان والحكومة، تمثيلا صحيحاً وعادلاً، ما يطرح على جدول الاعمال اللبناني، فوراً، مهمتين اعتبرهما السيد نصر الله، قضية حزب الله في المرحلة المقبلة، وهما «1» تشكيل حكومة اتحاد وطني، ما يعني على الاقل، توسيع الحكومة الحالية، بحيث تضم «التيار الوطني الحر» وتعبيرات سياسية اخرى «2» واعتماد قانون انتخابات جديد، يؤمن التمثيل العادل للطوائف والتيارات السياسية، علما بان القانون الحالي مصمم بحيث يعطي تحالف الحريري – جنبلاط، فرصة الاستيلاء على المقاعد النيابية، السنية والدرزية بالاضافة الى قسم لا يُستهان به من المقاعد المسيحية. ومن نافل القول ان القانون الحالي يمنع الاحزاب الوطنية العلمانية كالحزب السوري القومي والحزب الشيوعي، من الحصول على مقاعد تكافىء حضورهما الشعبي.

في العشرين من آب الماضي، كنا في حوار مع احد قياديي حزب الله الذي قال لنا ان الحزب في حيرة ازاء خياراته الاستراتيجية: هل يعطي الاولوية للشأن الاقليمي ام للشأن المحلي. ومن الواضح ان الحزب قد حسم امره باتجاه «اللبننة».

وها هو يتبنى، صراحة، مطالب التيار الوطني الحر والقوى الوطنية والشعبية اللبنانية في الاصلاح الحكومي والانتخابي.

انه تطور كبير، بل ربما نوعي، في السياسة اللبنانية، سوف يؤدي الى اطلاق عجلة التغيير السياسي في لبنان. وبالنسبة لي، فان هذا هو الانتصار الاكبر للمقاومة. بل ان هذا الخط التغييري اللبناني هو الذي سوف يمكن حزب الله من تعزيز استقلاله السياسي ازاء حلفائه الاقليميين، ويمنحه شرعية التدخل الايجابي – سياسيا – على المستوى العربي. وقد لاحظنا ان السيد حسن نصر الله، قد تخلى عن حذره التقليدي ووجه انتقادات جوهرية للنظام العربي الرسمي، وطالب العرب بالانتصار للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، وهاجم، صراحة، الاقتتال المذهبي في العراق، باعتباره حرباً مجانية تديرها امريكا واسرائيل، وطالب العراقيين بالاتحاد وعدم المراهنة على العدوّ. ويمثل ذلك هجوماً سياسياً صريحاً على معظم القوى الشيعية العراقية، ومؤيديها في النظام الايراني.

دخول المقاومة على خط التغيير السياسي في لبنان، اذن، لم يأت على حساب موقع الحزب الاقليمي. بالعكس، فان لبننة حزب الله تقوده نحو التعريب.

وليست اهمية المهرجان المليوني انه في التجمع الجماهيري الطوعي الاكبر في تاريخ لبنان وربما في المشرق العربي – ولكن، بالاساس، في التنوع الطائفي والمذهبي والحزبي لهذا التجمع الذي ضمَّ شيعة وسنة ومسيحيين ودروزاً وارمن، وتمثلت فيه، بصورة بارزة قيادات سياسية مختلفة، ابرزها التيار الوطني الحر وتيار المردة – المسيحيان – والحزب السوري القوي الاجتماعي والحزب الشيوعي – العلمانيان – والقيادات السياسية التاريخية للسنة، ومنها الرئيسان عمر كرامي وسليم الحص بالاضافة الى عشرات القوى والمجموعات اللبنانية الباحثة عن الذات، والمتطلعة الى دور في النظام السياسي اللبناني الذي يحتكره الآن آل الحريري وحلفاؤهم. ومن الواضح ان قوى اجتماعية وسياسية وثقافية عديدة في لبنان، قد حسمت خيارها باتجاه التحالف مع الخط السياسي الذي يمثله ائتلاف حزب الله – التيار العوني – حركة امل. وقد وزع هذا الائتلاف – بكثافة – بوستراً يجمع صور السيد حسن نصر الله والجنرال ميشيل عون ونبيه بري، وقد كتب تحتها «سيدنا، ورئىسنا، واستاذنا» والمهم في هذا البوستر السياسي هو اعلان الائتلاف عن ترشيح الجنرال لمنصب الرئاسة اللبنانية.

* * *

اظهر حزب الله انه خرج، من جحيم الحرب، اقوى. ولا تهمنا، هنا، المعلومات عن الجانب العسكري، ولكن ما رأيناه من انتصار سياسي حاسم تمثل في اندراج الاغلبية الساحقة من اللبنانيين في خط المقاومة والتغيير.

اما القضايا الاخرى، فلا جديد فيها، فمن المعروف ان حزب الله لا يزال يملك ترسانة اسلحة ضخمة، وهو لن يسلّمها، ولن يصبر طويلا على الخروقات الاسرائىلية في الجنوب، وانه سيعالجها بنفسه اذا استمرت. وهو بطبيعة الحال، لا يخشى «اليونيفيل» المعززة، بل ينذرها بصراحة اذا ما تخطت حدود المهمة الموكولة اليها، وهي مساندة الجيش اللبناني، كذلك، فان التزامات حزب الله في تحرير الاسرى، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا ومنع اسرائيل من سرقة المياه اللبنانية، ما تزال قائمة. وهذا بدهي، اذ ان هذه الاهداف هي التي تمنح سلاح حزب الله شرعيته.

Posted in Uncategorized.