ناهض حتّر
أكتب عن «الوقائع الغريبة» في بيروت…
في الصباح، كنّا في دمار الضاحية الجنوبية. وكنّا «سعداء» ونحن نسفّ التراب- الضاحية تضج بالحيوية والوجوه المبتسمة المستبشرة، وبالنشاط، وسط غيمة سماوية من الاعتزاز بالذات وبالنصر.
كنّا… أردنيين لم يصبروا على عناق اللحظة التاريخية في لبنان المقاومة الخارجة للتوّ من جحيم القصف الاسرائيلي- المهددة بجحيم آخر من قنابل النار… وقنابل السياسة- ووقعنا في الدهشة ازاء مجتمع مقاوم لكنه ليس عنيفاً، و«منكوب» لكنه ليس حزيناً، ووحيد لكنه ممتن لكل اشارة تضامن.. ولكل كلمة محبة.. ولا يندب حظه، ولا يقول: «يا وحدنا»! على الرغم من أنه، على مسافة خطوات خارج «الضاحية» ليرى أن بيروت لم تُخدَش.. تماماً مثل الجغرافيا العربّية التي تحتفل اليوم بانتصار حزب اللّه.. وحده!
في المساء، قطعنا بيروت الجميلة سيراً على الاقدام من عين التينة الى الرملة البيضا الى فردان والحمرا الى الروشة.. فالكورنيش الساحر الى منطقة الفنادق وصولاً الى منطقة، السوليدير الفخمة!
على خط السير كله لم تكن هنالك أية آثار للحرب.. سوى الكآبة!
بيروتان.. لبنانان..
بيروت الضاحية المهدمة، حيث ما تزال رائحة الموت تنبعث من أنقاضها.. تملؤها بهجة التفاؤل…
بيروت العاصمة الأنيقة، حيث ما تزال روائح السياحة الهاربة، تملؤها «النكبة» ومشاعر اليأس تتجول في الطرقات!
بيروت الضاحية هي التي حمت بيروت العاصمة، حين هدَّد السيد حسن نصر الله، الاسرائيليين أن «عاصمتنا بعاصمتكم» بيروت .. بتلّ أبيب! بينما بنايات «الضاحية» تُرْدَم رأساً على عقب…
فلماذا، إذن، تشعر بيروت العاصمة بأنها خسرت؟! وتشعر بيروت «الضاحية».. بانها ربحت؟!
لماذا يتطلع ذوو الشهداء، المهددون بالمزيد من التشريد والدماء، إلى أُفق جديد للنهضة؟ بينما تُغمض بيروت العاصمة الآمنة عينيها، وينقبض قلبها.. وتتراجع؟! بيروتان – لبنانان
وصراع – مثلما يقول «مطران المقاومة، جورج خضر بين «الخضوع».. و«المجابهة»!
***
من المأثورات عن الامام علي «كرّم الله وجهه» إن «النجاة بالاقتحام».