ناهض حتّر
يضع رئيس هيئة العلماء المسلمين في العراق، الدكتور حارث الضاري، أسس المعادلة الصحيحة لحل الأزمة العراقية. وهي ثلاثة:
1 – الانسحاب غير المشروط للاحتلال الامريكي من العراق
2 -وقف العملية السياسية الاحتلالية القائمة على المحاصصة الطائفية، وشطب كل منتجاتها «الدستور، البرلمان، الحكومة .. الخ».
3- اقامة جبهة وطنية عراقية تجمع كل القوى والاطياف والمكونات والتيارات العراقية المقاومة والمناهضة للاحتلال ومشروعه السياسي، من دون تمييز بين سني او شيعي، مسلم او مسيحي، عربي او كردي او تركماني، اسلامي او قومي او يساري .. الخ بل وتتسع «الجبهة»، حسب الضاري، للقوى التي تعلن الآن انفكاكها من العملية السياسية الاحتلالية». «فالاسلام يجبّ ما قبله».
وهذه الاسس مترابطة عضوياً. فالضاري يؤكد ان الاحتلال هو الذي يرعى الانقسام الطائفي، وهو مسؤول عن معظم الجرائم ضد الابرياء، ومفجر العنف الطائفي .. مثلما هو – اي الاحتلال الامريكي – الذي يغطي المشروع الايراني في العراق، لأنه يستند، سياسياً، على القوى نفسها المرتبطة بايران ومشروعها التقسيمي والالحاقي. ويرى الضاري – على العكس من المخاوف العربية الرسمية المضادة – ان الانسحاب الامريكي – وليس بقاءه – هو الذي يشكل الخطر الاكبر على انزلاق البلاد نحو الاقتتال الطائفي، جازماً بأن كل الاحزاب والشخصيات المتعاونة مع الاحتلال من التيارات الطائفية الانفصالية الكردية والمليشيات التابعة لها سوف تغادر مع المحتلين، فلا يبقى في العراق سوى أبنائه المؤمنين بسيادة البلد ووحدته وتقدمه.
وأية ترتيبات من شأنها – حسب الضاري، الابقاء على العملية السياسية الاحتلالية ، بعد زوال الاحتلال، سوف تعني استمرار المشروع الامريكي في صورة نظام محلي تابع. ولن يكون، بالتالي، هناك استقرار او أمن او استقلال او وحدة وطنية في العراق.
والبديل الذي يمكنه ملء الفراغ، هو، عند الضاري، البديل الوطني المؤلف من كل القوى العراقية المعادية للمشروع الامريكي والطائفية والانفصالية والنفوذ الاجنبي في العراق. والضاري متفائل بأن هذا البديل بدأ يتشكل بالفعل في الفترة الاخيرة، وكشف ان هناك اتصالات تجرى مع شخصيات ومراجع وعشائر شيعية عربية – وحتى جهات كردية – واخرى من كل الاطياف، بهدف التوصل الى اطلاق عملية سياسية وطنية بديلة، تكون قادرة على اعادة بناء العراق.
يرفض الضاري اي تدخل عسكري او أمني او مخابراتي عربي في العراق. ويعتبر ذلك كارثة على العراقيين، واطالة لأمد انقساماتهم وعذاباتهم، ومبرراً للتدخل العسكري الايراني، بحيث يصبح العراق ميداناً للصراع العربي – الايراني.
وهذا مالا يريده العراقيون.
«نريد تحرير بلدنا» – يقول الضاري – ليس غير، و«اعادة بنائه موحداً وعزيزاً. و«نريد علاقات اخوة وحسن جوار مع الجميع» انطلاقاً من «المصالح الوطنية العراقية».
بالنسبة للضاري فان الاتجاهات السلفية الجهادية المتشددة لا تمثل في العراق اكثر من 5 بالمئة من المسلحين، بينما الاغلبية الساحقة من مقاتلي المقاومة، فهي تنتمي الى الخط الوطني الاسلامي. وحول بعض التوجهات المذهبية التي تعرب عن نفسها لدى منظمات المقاومة، قال الضاري انه «مطمئن، الى انها اتجاهات عارضة وفرعية» مؤكداً ان هيئة العلماء المسلمين في العراق تملك «نفوذاً فكرياً» على قوى المقاومة، ونسعى لاجتذاب الجميع الى خط وطني اسلامي لا مذهبي. غير ان الضاري يشدد على ان الدولة العراقية الجديدة المستقلة الموحدة لن تكون «دولة دينية» بل دولة وطنية تعبّر عن جميع التيارات والاتجاهات.