ناهض حتّر
وزير الخارجية الاسرائيلية، سيلفان شالوم – المنتشي بلقاءاته العديدة مع نظرائه العرب والمسلمين – وصل الى القول انه «لا يوجد صراع بين الدول العربية واسرائىل».
اذا كان المقصود انه لا يوجد، لدى الانظمة العربية، سياسات صراعية مع اسرائيل، فهذا صحيح. ولكن الحقيقة ان عوامل الصراع ما تزال موجودة، تتلمسها وتعيشها الشعوب العربية، وتعبر عنها، سياسياً وثقافياً، وكذلك – عندما يتاح لها – جهادياً.
لا تريد العودة الى الماضي، ونذكر بان اسرائيل قامت، بالاساس، على اغتصاب بلد عربي وتشريد شعبه، بل نتحدث عن الحاضر، حيثما يزال الاحتلال الاسرائيلي يجثم على ما تبقى من فلسطين والجولان وجزء من جنوب لبنان. وما تزال المستوطنات الصهيونية تملأ الضفة الغربية وتعرقل وحدتها الاقليمية.
طيَب! سوف نعتبر كل ذلك شأناً اسرائىلياً – فلسطينيا او اسرائىليا – سورياً ولبنانياً. ولكن ضم القدس – وهي العاصمة الروحية للعرب والمسلمين. يشكل، كما نعتقد، عنصراً صراعياً بين الطرفين.
حسناً. سندع القدس جانباً. ولكن التسلّح الاسرائىلي – والقوة النووية الاسرائىلية – يهددان الامن القومي العربي بالملموس، بحيث لا تستطيع دولة عربية واحدة ان تأمن شر العسكرية الاسرائىلية المتفوقة، تقليدياً ونووياً: ما يضطر العواصم العربية الى الخنوع.
وسندع العرب – وامنهم القومي جانباً. فماذا عن الاردن؟
لدينا مع اسرائىل القضايا الصراعية التالية:
اولاً – انها ترفض عودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين، وتهدد سياساتها في الضفة الغربية، بتهجير المزيد منهم الى الاردن. وهو ما يهدد الكيان الوطني الاردني نفسه، وليس أمنه فقط.
ثانياً- ما تزال اسرائيل تسرق الحصة المائية الاردنية من نهر الاردن – البلد الفقير بالمياه اساساً – وهي بتحويلها روافد النهر، تقتل البحر الميت، المهدد بقاؤه في المستقبل المنظور.
ثالثاً- ما تزال اسرائيل تسيطر، بحجة الاستئجار، على اراض اردنية في وادي عربة والباقورة، بينما اغتصبت نهائىاً قسماً من اراضينا على خليج العقبة، واقامت عليه مدينة ايلات.
رابعاً – المفاعلات النووية الاسرائىلية – وخصوصاً مفاعل ديمونة – تشكل تهديداً بيئىاً متعاظماً للاردن، ويدفع آلاف الاردنيين من صحتهم وحيواتهم ثمناً باهظاً جدا للنشاط النووي الاسرائىلي غير المقيد بالاصول البيئية وغير الخاضع للمراقبة.
خامساً- ما تزال اسرائىل ترفض، باصرار، الافراج عن الاسرى الاردنيين لديها ومعظمهم جرى اسره قبل المعاهدة الاردنية – الاسرائىلية.
سادساً – ما تزال التهديدات، بالعدوان والاحتلال، تصدر عن المسؤولين الاسرائىليين ازاء الاردن، واخرها تهديد نتنياهو باحتلال العقبة.
سابعاً – ما تزال الكتابات والوثائق الاسرائىلية – ومنها وثائق الحزب الحاكم – تعتبر الاردن «جزءاً من اسرائىل الكبرى» جرى اقتطاعه العام 1921 . .. الخ.
وسأكتفي .. فالمكان لا يتسع! لكن شالوم صادق حقاً في اننا نفتقر الى ارادة الصراع.