اضعف الايمان

ناهض حتّر
الاحتفالات والعروض العسكرية التي نظمتها وتنظمها الفصائل الفلسطينية في غزة بمناسبة «تحريرها» تثير انطباعات متناقضة.

يوجد، بالطبع، ما يدعو للاحتفال بانسحاب اي جندي او مستوطن اسرائيلي من اية ارض فلسطينية. لكن الاحتفالات ليست شعبية او عفوية، بل منظمة وفصائلية، ولها اهداف سياسية داخلية، تتركز حول استعراض القوة، وتوجيه الرسائل حول الحصص المتوقعة من السلطة على غزة، بالنسبة الى كل فصيل.

خالد مشعل (حماس) في بيروت، يحاول تقليد صورة حسن نصر الله المزدهي بتحرير الجنوب اللبناني سنة 2000 . ولكن المضمون السياسي ليس نفسه في الحالتين. بالنسبة لحزب الله، كانت تلك صفقة سياسية كاملة في اطار تفاهم دولي واقليمي. وكانت المقاومة المنظمة وطويلة النفس، وغير المطعون بشرعيتها من منظور السياسة الدولية، والمدعومة، كليا، من النظام اللبناني، استطاعت ان تعلن النصر والاستيلاء على السلطة في الجنوب. ولكن الانسحاب من غزة يتم في اطار صفقة اسرائيلية-امريكية ثنائية، وفي سياق فرض حل الامر الواقع من طرف واحد على الفلسطينيين والعرب. وهذا الحل مقيد ب¯ «ثوابت» شارونية صارمة اهمها قضم وضم نصف الضفة الغربية -بما فيها القدس- والغاء حق العودة سياسيا وقانونيا الى مناطق ال¯ ،48 وواقعيا الى الاراضي الفلسطينية الباقية المكتظة وغير المتواصلة.

وهذا كله خارج التفاوض مع الفلسطينيين الذين ترك لهم الامريكيون هامشا وحيدا للمناورة هو التفاوض على الاجراءات والتفاصيل ونقاط العبور الحدودية والميناء والمطار والجمارك.

والتقدم في هذا النوع من المفاوضات الاجرائية، مشروط بقيام السلطة الفلسطينية بالمشاركة في «الحرب على الارهاب» اي تصفية المقاومة المسلحة، بالتفاهم او بالقوة. ولذلك، فاننا نرى «فتح» اقل زهوا بتحرير قطاع غزة من المعارضين. انها تعرف اية مهمات تنتظرها.

تأكيد مشعل على ان الانسحاب الاسرائيلي من غزة، هو انجاز للمقاومة المسلحة، يتضمن معنيين اولهما ايجابي. وهو التأكيد على خيار المقاومة. وثانيهما ضمني. وهو الاستعداد للتفاهم على القاء السلاح. وهو ما يستلزم استخدام لغة انتصارية غير واقعية وغير نقدية.

من حق الغزيين الفرح بالطبع. ولكن ليت الفصائل تصدق شعبها، وتخفض خطاب الانتصار، لصالح التأكيد، اقله، على ان الانسحاب الاسرائيلي من غزة، لا معنى له من دون (1) حرية المعابر الحدودية ارضا وجوا وبحرا، و(2) الافراج عن الاسرى و(3) عودة المطرودين من غزة اليها.

وحتى تحقيق هذه المطالب لا يغير الصورة العامة النهائية للحل الامريكي الاسرائيلي. ولكنه اضعف الايمان.

Posted in Uncategorized.