ناهض حتّر
ليكن “الاصلاح” ما يكون -اي بغض النظر عن مضمونه او اتجاهه او حدوده- فهو، في الاخير، عملية اجتماعية -سياسية دنيوية (اي تتعلق بمصالح وقوى) وليس عقيدة دينية جديدة وموضوعا للتبشير والايمان، بحيث يكون الامر: معنا او ضدنا! خيّر او شرير.
الخطاب السياسي للمحافظين الجدد الحاكمين في البيت الابيض، هو، على العموم، تبسيطي عقائدي. وهذا النوع من الخطاب، يلائم الاهداف الفعلية للسياسات الاستعمارية، لانه يسمح بتجاهل الواقع والوقائع، ويتيح ادانة القوى المعارضة، «اخلاقيا»، ووصمها «بالارهاب» او «بالرجعية» او «الدكتاتورية»، ويسمح، اخيرا، بالتلاعب بالمعايير.
مثلا: «حماس»، عند كوندوليزا رايس، «منظمة ارهابية»، وبالتالي يمكن شطبها من العملية الديمقراطية الفلسطينية! وماذا عن ناخبي «حماس» وتواعدها الاجتماعية؟ سؤال مغيب مثل سؤال الاحتلال.. ومثل كل اسئلة الواقع العياني للشعب الفلسطيني. فالديمقراطية، امريكيا، هي «خير» ل¯ «الاخيار» من اصدقاء الولايات المتحدة او المتفاهمين معها، القابلين بالسياسة الامريكية والحل الاسرائىلي.
تحت عنوان «الاصلاح» و«الديمقراطية»، تدعم الولايات المتحدة، فئات اجتماعية -سياسية كمبرادورية، موقعا وفكرا وثقافة (اي انها تلعب دور الوكيل المحلي للمصالح الامريكية) ولا يهم المحافظين الجدد ان وكلاءهم، معزولون اجتماعيا وسياسيا، وعاجزون، بالتالي، عن الخضوع لامتحان الديمقراطية او ادارة العملية السياسية الاجتماعية، الا بالوسائل الادارية والسلطوية! لا بأس!
هذه الوسائل يمكن استخدامها ضد المعارضة، بل ضد الاغلبية، باعتبارها رجعية او محافظة، ولا ضير – بل مطلوب طردها من «جنة الديمقراطية» التي هي، مرة اخرى، ل¯ «الاخيار» المعينين من قبل واشنطن لتحديث المجتمعات «المحافظة»، على الرغم منها!
هل تذكرون «الرسالة الحضارية» للاستعمار الاوروبي في «البلدان الهمجية»؟ كل من يعارض المستعمرين هو «همجي» يمكن قتله من اجل الحضارة! كذلك «الرسالة الديمقراطية» للامبريالية الامريكية. منْ يعارضها «ارهابي» او «رجعي» يمكن قتله او تجاهله وتهميشه.. من اجل «اصلاحه»!