تحية لفرسان البرلمان

ناهض حتّر
هناك فرق بين الرطانة التي تبعث على التثاؤب، وبين الخطاب السياسي النابع من ضمير الشعب، والمرتبط، علناً، باتخاذ موقف مبدأي.

وفي اليوم الاول من مناقشات الثقة بحكومة عدنان بدران. استمعنا بانتباه الى النبض الجديد في مجلسنا النيابي. و كان د. عبد الرحيم ملحس ود. محمد العدوان وفايز الشديفات في المقدمة، لانهم قرنوا هجماتهم السياسية على حكومة بدران باعلانهم حجب الثقة عنها. واشير، هنا، الى جرأة محمود الخرابشة وذكاء حاتم الصرايرة. وليتهما اعلنا الحجب صراحة.

النواب الذين ركزوا على المطالب الخدمية، اصبحوا من الماضي، اولاً لان اللحظة سياسية بامتياز. وثانياً لانه ليس في الخزينة ما يحقق تلك المطالب. وقد قلناها. هنا، بالامس، ان المأزق الاقتصادي ناجم عن خيار اجتماعي – سياسي.

ذلك ان هناك حلقة ضائعة بين نسبة النمو التي تزيد عن 7 بالمئة وبين عجز الموازنة المتفاقم. وهذه الحلقة تكمن في ان السياسات الحكومية منحازة كلياً للاغنياء على حساب الفقراء. والحل يكمن في الضريبة التصاعدية المنصوص عليها في الدستور الاردني. ووقف التسهيلات الممنوحة للمستثمرين الاجانب، ووقف الخصخصة، وتبذير الاموال العامة، وفرض الحماية للمنتجات والخدمات المحلية. بهكذا سياسات سيكون لدى الخزينة الاموال اللازمة لتلبية المطالب الخدمية. بعكس ذلك، فان الاموال سوف تتكدس عند الرأسماليين الاجانب والمحليين. ويدفع الشعب وحده، ثمن المديونية وارتفاع اسعار النفط.

نواب الحجب ال¯ 48 هم الذين رفعوا شأن المجلس النيابي، وأعادوا للدستورية هيبتها. وللنظام السياسي الاردني – الذي هو نظام نيابي ملكي – صدقيته. وآمل ان يواصلوا النجاح السياسي الذي حققوه بتضامنهم. وعليهم ان يلاحظوا خصوصا انهم شكلوا رافعة للمجلس النيابي الذي ارتقى مدارج مجيدة جديدة حين رفض بما يشبه الاجماع اتفاقية امتناع المملكة عن تسليم المجرمين الامريكيين الى المحكمة الجنائية الدولية.

الاخوان المسلمون سوف «يحجبون» -مثلما يقال – ولكنه حجب بلا صدقية سياسية، لانه يتضمن الدعم السياسي الضمني لحكومة الكمبرادور لقاء مطالب خدميّة. وهذه معادلة انتهازية عجيبة لن تصمد اذا حزمت القوى الوطنية في البرلمان، امرها، وقررت الحجب، وترحيل حكومة بدران التي لا تحظى بثقة الشعب.

النائب الوطني الحر المخلص للنظام السياسي الاردني والشرعية الدستورية والتحالف الاجتماعي الشعبي، هو الان في لحظة مفصلية ضميرية.

فالديمقراطية الاردنية الموعودة لا تصنعها الندوات والخلوات واللجان، بل يصنعها حدث سياسي كبير مثل اسقاط حكومة الكمبرادور القائمة، واستعادة البرلمان دوره السياسي كاملاً في صياغة الحكومات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية.

فاذا حجب البرلمان، الثقة عن حكومة بدران، فسوف يوفر على الاردن عقداً كاملاً من المراوحة، و يطلق طاقات المجتمع الاردني وقواه الحيّة، وبغير ذلك، سيكون هنالك يأس عام من العملية الديمقراطية.

Posted in Uncategorized.