ناهض حتّر
بيان طويل جداً – بلغ 50 صفحة مطبوعة – لكنه مُملّ لانه يدعي لهجة جديدة من دون جديد.
الحكومة ليست في وارد تقديم أي تنازل جدي. وقد قالها نائب رئيس الوزراء مروان المعشر، صراحة: «خروج وزراء “اصلاحيين” من الحكومة، لا يعني التراجع عن المشروع الاصلاحي» يعني ان المجموعة الاقتصادية التي قادت – وتقود البلاد، الى مشكلة اقتصادية واجتماعية، لم ترعو، ولم تجد انها ملزوزة الى مراجعة سياساتها، بل – حتى – الى ادراك انها تحتاج الى تسوية اجتماعية – سياسية مع القوى النيابية والشعبية، الصاعدة.
ارتفاع اسعار النفط ونضوب المنح النفطية، لم يكونا، اطلاقاً، عنصرين مفاجئين، بل متوقعين، منذ احتلال العراق. ولم يكن في جعبة «المجموعة الاقتصادية»، مثلما هو متوقع منها، سوى تحميل النتائج والأعباء للمواطنين، والاستمرار في النهج نفسه: استكمال الخصخصة، وحرية الاستيراد، والانفاق غير الرشيد، وتقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب على حساب الخزينة، ورفض التعامل مع المبدأ الدستوري القاضي بتصاعدية الضريبة على الدخل بدلاً من ذلك : هناك الاصرار على ضريبة المبيعات – وزيادتها – المجباة، بالطبع، من المواطنين.
ارتفاع اسعار النفط من دون منح، والمديونية الخارجية التي ما تزال في حدود الخمسة مليارات، ووقف فترات الجدولة العام ،2007 حقائق مرعبة، تتطلب مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية، وإعادة تركيبها في ضوء هذه الحقائق:
اولاً – تهدئة الخصخصة للحفاظ على موارد الخزينة، أو – أقله – ربط البيع باستخدام مردوده في السداد او بمشاريع انتاجية جديدة.
ثانياً – تقييد المستوردات – وهناك وسائل عديدة لذلك – خصوصاً في المنتجات الزراعية. والصناعات والخدمات المحلية التي تحظى بالجودة والكفاءة.
ثالثاً – وقف «التسهيلات» للاستثمار الاجنبي، بعدما تبين انها غير جاذبة، أي انها لا تلعب دوراً محورياً في جذب المستثمرين. واتوقف عند القطاع العقاري الاكثر حيوية، ولكنه لم يدر سوى جزء يسير من الرسوم المترتبة على البيوعات، بفضل الفساد الكبير والصغير. ومنه التراخي في تقدير قيمة الصفقات.
رابعاً – ايجاد الحلقة الغائبة بين نسبة النمو التي تزيد على 7 بالمئة، وعجز الموازنة المتصاعد. وهذه الحلقة تكمن في إعداد قانون جديد للضريبة على الدخل، ذات هيكل تصاعدي بسيط، يسمح بانتقال جزء عادل من ارباح القطاع الخاص – الاجنبي والمحلي – الى الخزينة.
خامساً – التخفيض الجذري للنفقات العامة ذات الطابع الترفي والمخصصة لخدمة الاغنياء، بما في ذلك البنى التحتية – الفائضة – في عمان.
جوهر القضية هو الآتي: هل يتم تمويل الخزينة واستحقاقات النفط والمديونية على حساب الأغلبية الشعبية… أم على حساب المواطنين من الطبقات الوسطى والشعبية؟.
حكومة عدنان بدران تلح، جوهرياً – على الخيار الاول من دون ادنى تنازل وتغلف هذا الخيار الطبقي بـ 50 صفحة من الكلام العائم عن الاصلاح.
هل يكون نواب الشعب مخلصين لقواعدهم، هذه المرة، بالاصرار على ترحيل حكومة بدران ونهجها؟!