ناهض حتّر
في جولة الاعادة للمرحلة الاولى من الانتخابات التشريعية المصرية، احرز الاخوان المسلمون، اختراقاً باهراً. وهو ما اطلق جولة من العنف والعنف المضاد بين الجماعات الموالية للحزب الحاكم و «الاخوان».
اصبح واضحاً، الآن، ان الانتخابات المصرية – على الرغم مما يشوبها من شبهات وعنف – سوف تنتهي الى تغيير جوهري في موازين القوى السياسية في البلاد. «الاخوان» سيتحولون الى قوة نيابية رئىسية لا يمكن تجاهلها لا في ترتيبات «الاصلاح» السياسي الامريكي، ولا في ترتيبات توريث الرئاسة لجمال حسني مبارك.
في الحالتين، سيكون «الاخوان» متعاونين الى اقصى حد ممكن، لكنهم سيطالبون، بالطبع، بالثمن الذي يساوي حجمهم السياسي في البرلمان وفي الشارع، ويساوي، بصورة خاصة، حجم «الشرعية» اللازمة ل¯ «تجديد» النظام المصري، والتي يستطيع «الاخوان» تأمينها.
والثمن السياسي الذي يتطلع اليه «الاخوان»، لن يصل الى المطالبة بتطبيق الشريعة، بل سيبقى في حدود المطالب الدنيوية، الاكثر الحاحاً عند «الاخوان» في المرحلة المقبلة. وهي «1» الترخيص للجماعة او لحزب ينبثق عنها «2» تحسين الآليات الانتخابية، بما يضمن تعزيز وضع «الاخوان» الانتخابي «3» وقف المضايقات والاعتقالات.. الخ «4» تمكين «الاخوان» من الحصول على حصة ملائمة في الادارة. اي، باختصار، تحويلهم الى شريك في النظام السياسي.
حلفاء «الاخوان» الحاليون من احزاب «الجبهة الوطنية للتغيير» من قوميين ويساريين وليبراليين، لن ينالوا، على الارجح، نسبة مؤثرة من المقاعد النيابية، ولكن الشخصيات النيابية التي سوف يرسلونها الى البرلمان، بما تتمتع به من صدقية وثقل، سوف تطبع النقاشات السياسية بطابعها، بينما يلوذ نواب «الاخوان» بالصمت، بانتظار «الاتفاقات» تحت الطاولة.
في مجرى التطورات اللاحقة، سوف ينفضّ التحالف بين الفريقين – «المعارضين» الآن – وافضل السيناريوهات هو ان تسير الاحداث باتجاه انضمام «الاخوان» الى حلف السلطة، واندراجهم في النظام المصري « الجديد»، ما يسمح للأحزاب العلمانية المعارضة «الوفد»، و «التجمع»، «وفصائل اليسار» اعادة ترتيب الحركة الوطنية الديمقراطية المصرية، واستنهاض جماهيرها.
بالخلاصة، لا تقلق الانتخابات الحالية ونتائجها، القوة المهيمنة في النظام المصري، ولا الامريكيين، طالما انها ستمطر في السياقات المرسومة، بينما تفقد الشبكات المحلية والشخصيات الموالية للحزب الوطني الحاكم، اعصابها، لانها هي التي تخسر مكانتها ودورها .. لصالح الشبكات والشخصيات الاخوانية. اما المعارضة القومية – اليسارية – الليبرالية، فقد تسمح لها عملية «التجديد»، بفرصة اعادة تعريف الذات والبرامج والادوار.