ناهض حتّر
تعديلات اللجنة المالية في مجلس النواب على مشروع قانون ضريبة الدخل، لا تعكس جميع المطالبات الاجتماعية والشعبية، لا كمياً ولا نوعياً. انها حل وسط لا نعتقد انه كافٍ ازاء المتطلبات الملحة لاعادة هيكلة النظام الضريبي كلهّ بما يعوّض عن غياب دور الدولة الاقتصادي بالخصخصة، وبما يكفل تعزيز التقدم الاجتماعي، وتلافي المزيد من الضغوط على الفئات الوسطى، وتحفيز ابنائها للانفاق الاجتماعي والثقافي والاستثمار. كذلك، فنحن نعتقد ان العدالة الضريبية لن تتحقق من دون رفع عبء الضريبة العامة على المبيعات عن كاهل الفئات الشعبية. ومع ذلك كلّه، فنحن نقبل «التعديلات» تلك مثلما هي، وندعمها، ونطالب بالتوافق الوطني على دعمها:
1 – ..«فالتعديلات» – على الرغم من وسطيتها – «صدمت» الليبراليين الجدد، ليس، فقط، لانها تعرقل – جزئىاً – خططهم «لاصلاح مالي» تدفع الفئات الوسطى ثمنه الباهظ لصالح كبار الرأسماليين، ولكن، ايضا، لانها بددت الاوهام بأن البرلمان قد تم استيعابه نهائىاً، وتحول الى هيئة شكلية للبصم على اوامر الليبرالية الجديدة.
2 – و «التعديلات» – على الرغم من انها لا تغطي الاحتياجات والفعاليات الاجتماعية والتنموية بصورة ديناميكية، فهي على الاقل، مصنفة، وتمثل الحدّ الادنى المقبول، من وجهة نظر اجتماعية واقتصادية معا،.
3 – والنجاح في اقرار هذه « التعديلات» له، بالاضافة اهمية سياسّية بالغة، من حيث انه يستعيد صدقية البرلمان، والثقة بالعملية السياسية الدستورية، ويكبح جماح المجموعة الليبرالية الساعية الى الالتفاف على كل الآليات الدستورية لتنفيذ برنامجها المدمر، القائم على اولوية البزنس.
خلال هذا الاسبوع، اتوقع، اذا، ان يتلقى البرلمان، سيلاً من اشكال المؤازرة النقابية والسياسية والاعلامّية. وانا اقترح ان تكون هذه المؤازرة بلا تحفظات، بمعنى القبول «بالتعديلات»، والدفاع عنها، ودعوة النواب الى الالتزام الحرفي بها، باعتبارها تسوية اجتماعية – سياسية تعبر عن موازين القوى في هذه اللحظة. وهي تسوية سوف يكون لها مفاعيل ايجابيّة على اكثر من صعيد، خصوصاً لجهة احداث اختراق ضد النزعات السلطوية لليبرالية الجديدة في اهم مفاصل برنامجها.
اننا ندعو جميع القوى والفعاليات والهيئات الاجتماعية والقطاعية – صاحبة المصلحة – والنقابات المهنية والعمالية والاحزاب السياسية والشخصيات العامة الى وقفة رجل واحد مع البرلمان من اجل اقرار وانفاذ تعديلات لجنته المالية على مشروع قانون ضريبة الدخل. مثلما ندعو البرلمان – بكل كتله واعضائه الى ان يحافظ، بدوره، على الخط الاحمر في «التعديلات»، فلا يتنازل او يتراجع تحت الضغوط. فليست مصالح المجتمع الاردني وحدها، هي التي ستتأثر في حالة التراجع البرلماني هنا، بل، كذلك، صدقية البرلمان وهيبته.
ونحن ننتظر ان يحسم النواب المحترمون بالاجماع، وبسرعة، ومن دون خطابات، الموقف، بالتصويت الايجابي على التعديلات على مشروع قانون ضريبة الدخل، واقرارها.