من “الوحدة الوطنية” الى الاجماع الوطني

ناهض حتّر
من “الوحدة الوطنية” الى “الاجماع الوطني” طريق طويل وشاق، لكنه الان ربما اصبح معبدا بفضل المشاعر المشتركة التي اظهرها الاردنيون -من مختلف المشارب والمواقع- ازاء الاعتداءات 9/11 الارهابية في عمان.

«الوحدة الوطنية» هي الشعور الجماعي المشترك بالانتماء للبلد، والولاء للدولة، والحساسية الثقافية المشتركة. وهذا كله اساس ضروري، لكنه غير كاف، للوصول الى «الاجماع الوطني».. الذي يعكس، في النهاية، تسوية اجتماعية -سياسية، بين القول والاتجاهات والمصالح والافكار -وهي- موضوعية- مختلفة متضاربة متنافرة. ومع ذلك يمكن التسوية بينها في محاور رئيسية يحقق فيها كل طرف من اطراف المعادلة 50 بالمئة مما يريد.

(1) القضية المطروحة -الان- وهي قضية تكوين اجماع وطني ضد الارهاب و«ثقافته» واي تبرير او انتصار له في اوساط الشعب والمعارضة، يتطلب من السياسات الرسمية، بالمقابل، اتخاذ موقف صريح يدعو الى انهاء الاحتلال الامريكي للعراق والاعتراف بشرعية المقاومة الوطنية العراقية، وهكذا نتوصل الى اجماع وطني يؤيد المقاومة وينبذ الارهاب. وبغير ذلك، ستظل الصورة ملتبسة.

(2) لقد لاحظت طوال العقد الماضي، ان اغلبية الاردنيين تتعايش -وربما تتفهم- «السلام البارد» مع اسرائيل، لكن التطبيع والتعاون الثنائي معها، يخلق هوة متسعة بين السياسات الرسمية وبين الرأي العام في بلدنا. وهكذا، يمكن التوصل الى اجماع وطني حول موقف مشترك يقبل، اضطراريا -بالسلام الرسمي، وينبذ التطبيع والتعاون مع اسرائيل.

(3) من المفروغ منه ان اي تدخل اردني في الشؤون الفلسطينية، سواء أكان سياسيا أم امنيا – وبأي شكل من الاشكال، يقود، فورا، الى انشقاقات متعددة في الرأي العام الاردني. ولذلك، فان الحفاظ على الاجماع الوطني، في هذا الباب، يتطلب منا الا نتدخل في فلسطين، الا في اطار الموقف المبدئي الداعي الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود 4 حزيران ،67 وضمان حق العودة للاجئين. ولسنا معنيين، بعد ذلك، لا ب¯ «الوساطات» ولا بتقديم «التسهيلات» التفاوضية او الدعم الامني، ولا المفاضلة بين طرف فلسطيني وآخر.

(4) الاردنيون -بغض النظر عن اصولهم- لديهم الرغبة بالعيش المشترك والتفاهم. ومن المناسب ان نترك هذه العملية تأخذ مداها الموضوعي، من دون تدخل قسري لتغيير اسس التمثيل السياسي القائمة، لأن ذلك سيؤدي الي انشقاق حاد في الرأي العام الاردني.

(5) في المجال الاقتصادي -الاجتماعي. لا بد من مراجعة انفراد الليبراليين الجدد بالقرار. والتوصل الى تسوية تأخذ بعين الاعتبار متطلبات التحديث وجذب الاستثمارات وتنشيطها، وفي الوقت نفسه، صيانة المصالح الاجتماعية ودور الدولة الاساسي في هذا المجال، بما في ذلك تأمين شبكات الحماية الاجتماعية للفقراء ويبقى ان «الاجماع الوطني» غير ممكن، بالطبع، من دون الانتقال الى الاطار الدستوري الديمقراطي، واعادة الاعتبار للبرلمان ودوره السياسي.

Posted in Uncategorized.