ناهض حتّر
منذ 11 ايلول 2001 توطد تحالف شامل بين عمان وواشنطن، انعكس في السياسات الاردنية في كل مجال.، لقد اصبحت المملكة عضوا في «الحرب على الارهاب» وتبنت نظرة الادارة الامريكية الى القضايا الاقليمية، وتأويلها الداخلي في نهج الليبراليين الجدد في ادارة الاقتصاد والمجتمع والدولة.
هذا الخيار واستحقاقاته، ازم علاقات المملكة مع قوى اقليمية رئيسية: سورية وايران وحزب الله وحماس وعدة اطراف عراقية، من دون ان يعني ذلك ان علاقات الاردن بالدول والقوى المعتدلة، قد اصبحت علاقات خاصة لها دينامياتها الذاتية. فتلك العلاقات مع المعتدلين لم تنشأ عن تفاهات ثنائية بقدر ما نشأت على محور التحالف مع الولايات المتحدة. فحلف المعتدلين لم يجعل من العلاقات الاردنية – السعودية والاردنية – المصرية ذات طابع استراتيجي. بل ان العلاقات مع اسرائيل لم تؤد الى تغيير جوهري في الاستراتيجية الاسرائيلية الصهيونية نحو الاردن – باعتباره وطنا بديلا – فظل التهديد الاسرائيلي قائما.
العلاقات مع «فتح» هي نوع من زواج المتعة لكارهين، بينما العلاقات مع قوى 14 شباط في لبنان، وان تخللها قدر من الحب، فهي عابرة، في حين ان القوى الحليفة للامريكيين الحاكمة في بغداد، تكره الاردن.
داخليا، انعكس التحالف مع الادارة الامريكية في سيطرة شبه كاملة لليبرالية الجديدة على القرار الاقتصادي والاجتماعي في الخصخصة الشاملة للمؤسسات الانتاجية، والجزئية للخدمات العامة «الطبابة، التعليم.. الخ» واولوية «الاستثمار» الذي تركز في القطاعين العقاري والمالي والخدمي – على الترتيب – ونشوء الفساد في البزنس الذي يحقق ارباحا على حساب حقوق الخزينة.
حسنا، وجهة النظر الرسمية كانت ترى في هذا الخيار التحالفي مع امريكا المحافظين الجدد ضرورة لا مناص منها، بحيث ان تكاليفها السلبية – في الخارج والداخل – تظل اقل من ايجابياتها.
ولا اريد ان ادخل في هذ المجال… فالمهم الآن ان الحقبة الامريكية في الشرق الاوسط.. تقترب من نهايتها، والولايات المتحدة ستكون، عما قريب، مضطرة للخروج من العراق، والتفاهم مع ايران وسورية… واستيعاب حزب الله وحماس سياسيا، وكل ذلك – وسواه – سوف يحدث في سياق تاريخي لانحلال الامبراطورية الامريكية قصيرة العمر.. والارجح، اننا سنكون ازاء عقد في الانكفاء الامريكي والفراغ في الشرق الاوسط.
الشرق الاوسط سوف يكون، اذا، ملعبا للقوى الاقليمية، وفي مقدمتها اسرائيل وايران وسيكون على كل دول الاقليم – بما فيها الاردن – ان تعمتد على ذاتها في الدفاع عن نفسها وتحصيل مصالحها.
الاردن سيواجه اخطاراً عديدة في المرحلة المقبلة.
فالولايات المتحدة سوف تمارس حضورها اللاحق، الى حد غير مسبوق، من خلال اسرائيل، والاخيرة ستكون حرة، بالتالي، في تصميم سياساتها الاقليمية، وخصوصا باتجاه الضغط لاحداث تغيير جوهري يؤدي الى ترحيل القضية الفلسطينية الى شرقي النهر.
بالمقابل – لن تكون ايران معنية بسياسات معاكسة، بل قد تنشأ – على حساب الاردن – نقطة تقاطع سياسي بين القوتين الاقليمتين الرئيسيتين، فلا ننسى ان اضعاف الاردن مهم لاضعاف السنة في العراق، وهو هدف ايراني.
القوى الاقليمية الاخرى لها حسابات وثارات قديمة ومتجددة وقد تتقاطع هي الاخرى في السياق نفسه.
ليس قدرنا ان نكون حلقة ضعيفة، فهناك بديل استراتيجي:
1- دسترة فك الارتباط، 2- الديمقراطية الكاملة، 3-العودة الى القطاع العام، 4- سياسة خارجية مستقلة وتحالفات اقليمية ودولية جديدة، 5- تعزيز الدفاع الوطني.