ناهض حتّر
وقعت بين يدي مذكرة تدور حول الدعوة الى وحدة الشيوعيين الاردنيين على اساس بناء حزب ذي هيكلية ديمقراطية تنظم الخلافات داخل الوحدة. هذا تطور ايجابي بالنسبة الى حركة مزقتها الانقسامات المتتالية، وشرذمتها، واعاقت دورها في تفعيل الحياة السياسية الاردنية. غير ان المذكرة، تتبنى، في مقترحاتها الاقتصادية – الاجتماعية والسياسية، شراذم فكرية لا يمكنها التأسيس لنهج فكري سياسي قابل لبناء خط فكري – سياسي منسجم ومؤثر.
لم تتضمن «المذكرة» تحليلا عيانيا للازمة الاقتصادية – الاجتماعية الراهنة، من حيث هي ازمة «التحول» الى الكمبرادورية الشاملة على حساب تفكيك الدولة الاردنية. والعجز عن هذه المقاربة، أوقع «المذكرة» في خطأين اولهما تكرار افكار قديمة غير مطابقة لاحتياجات الواقع العياني، وثانيهما العجز عن ادراك التحالفات اللازمة لمجابهة التحدي الماثل، وهو الحفاظ على الدولة الاردنية وتطويرها وهو ما يغير خارطة الحلفاء.
الذين كتبوا «المذكرة»، استعادوا معارف وافكارا تعود الى عقود سابقة، واعادوا انتاجها من دون التبصّر بالتحولات الجذرية التي شهدها البلد في العقدين الاخيرين. وهذا دليل اضافي على العزلة الفكرية والسياسية التي عاشها – وما يزال يعيشها – القسم الاساسي من الشيوعيين الاردنيين.
لكن الطامة الكبرى في «المذكرة» هي دعوتها الملتبسة الى التوطين السياسي للاجئين، وفي الوقت نفسه، التأكيد على حقهم في الاحتفاظ بهويتهم السياسية الاصلية (الفلسطينية) وهذه اسوأ مقاربة ممكنة لمشكلة العلاقات الاردنية – الفلسطينية في بعدها الداخلي. وهذه الصيغة فوضوية ولا يمكن تأطيرها الا في فيدرالية ثنائية على الارض الاردنية – اي احداث تغيير جذري في بنية الدولة الاردنية باتجاه اقامة دولة ثنائية الوطنية. وهذا هو اقتراح عمدة المحافظين الجدد الحاكمين في الولايات المتحدة، بول وولفويتز. فيما يتصل بالعراق هناك تحسن ملموس في موقف المذكرة الشيوعية، اذ هي تندد بالاحتلال الامريكي وتقر بشرعية المقاومة، ولكنها لم تصل الى ادانة الهيئات الحزبية والحكومية المتعاونة مع المحتلين. وهي تساوي بين الارهاب الامريكي في العراق، و«الارهاب» الذي تدعي «المذكرة» ان هناك اطرافا في المقاومة تمارسه ضد المدنيين.
بهكذا افكار، قد تتوحد التنظيمات الشيوعية، ولكن لن يكون بامكانها اطلاق حزب وطني شعبي قادر على تحشيد القوى اليسارية والديمقراطية او – حتى – لعب دور ثانوي في الحياة السياسية الاردنية.0