ناهض حتّر
من يراهن على أن الاردنيين – بعد اعتداءات 9/11- سوف يغيرون موقفهم المبدئي ضد الاحتلال في العراق سوف يخسر رهانه. فنحن لا نؤيد، في العراق، اجندات سياسية خاصة، بل نناصر الشعب الشقيق في معركته البطولية لاسترداد استقلاله وسيادته وتحرير ارضه والحفاظ على وحدتها الاقليمية، واعادة بناء الدولة الوطنية العراقية.
سوف تزيدنا اعتداءات 9/،11 وعياً بالتمييز الضروري بين حركة المقاومة العراقية – واهدافها المحددة المتمثلة في تحرير العراق من الغزاة الامريكيين واعوانهم، ومن التدخلات الاقليمية وأجنداتها، ومن الطائفيين الانفصاليين والارهابيين – وبين الاجندة الخاصة «بارهاب القاعدة» التي تريد -كالأمريكيين- تحويل العراق- والمنطقة- الى ساحة حرب بين اليمين الديني المحلي الرجعي واليمين الديني الأمريكي الامبريالي.
في ظل الفوضى السياسية والأمنية الناشئة عن الاحتلال الأمريكي تشكلت في العراق ظروف ملائمة لتوطين «القاعدة» والمليشيات الطائفية والأتنية والشبكات المرتبطة بالاستخبارات الاقليمية. ونجم عن التفاعلات والمعطيات المرتبطة بتلك الظروف والقوى المتداخلة، صورة ملتبسة شديدة التعقيد في ارض الرافدين. غير اننا نستطيع ان نرى، مع ذلك، الخطين الرئيسيين في الصورة:
يتمثل الاول في الغزو الأمريكي اللصوصي المسلح الذي دمّر الدولة العراقية، وقتل اكثر من مئة ألف من أطفال العراق وشيوخه ونسائه ورجاله، وادار – ويدير- بالقوة، عملية سياسية استعمارية في البلاد، تهدف الى تقسيمها وشرذمة الشعب العراقي أتنياً وطائفياً وسياسياً وثقافياً، ومآلها اخضاع العراق للعصبيات الاصولية ورجال العمائم، ما يمنع تقدم العراق، ويسمح بسرقة ثرواته، ويضعفه لمصلحة اسرائىل.
ويتمثل الخط الثاني في المقاومة العراقية التي تتصدى، وما تزال، للمغامرة العسكرية الأمريكية في العراق، ونتائجها السياسية.
وبين هذين الخطين، لا يقف الأردنيون على الحياد، وسوف تزيدهم اعتداءات 9/11 في قلب عمان المدمّى اصراراً على جلاء الاحتلال الأمريكي من العراق.
ان تأييدنا الثابت المنهجي للمقاومة العراقية، ليس، فقط، مجرد وجهة نظر مبدئية تقوم على حق الشعوب في المقاومة المسلحة للمحتلين، ولكنه موقف نابع من مصالح الاردن الاستراتيجية، واعتبارات الامن الوطني الاردني، سواء اكان لجهة تلافي الخطر الارهابي ام لجهة التصدي للتوسعية الاسرائيلية ومخاطر الوطن البديل.
العراق هو الحليف العربي الرئيسي للاردن. والعراق هو عمقنا القومي والتنموي. ولن يعود كذلك إلا باستقلاله ووحدته وازدهاره،وهي، كلها، مرهونة بانهاء الاحتلال.
مهما كانت جراح 9/11 أليمة، فلن نغرق في الهامشي على حساب الأساسي، وسنظل يقظين الى ان ما يهدد الامن والاستقرار في المنطقة هو الاحتلال الامريكي في العراق، والاحتلال الاسرائيلي في فلسطين، وما ينجم عن الاحتلالين البغيضين من ظواهر ارهاب اسود.