ناهض حتّر
تنبأ الرئيس الايراني أحمدي نجاد بـ «زوال اسرائيل مثلما زال الاتحاد السوفياتي»
يا ليت! ولكن الذين قيد الزوال، هم العرب. وبينما يلعلع نجاد عن زوال اسرائيل، فهو يعمل، ليل نهار، من اجل زوال عروبة العراق، وزوال جمهورية العراق من الخارطة السياسية، وزوال العراقيين من الحياة الدنيا.
الولايات المتحدة هي الحليف الاستراتيجي لاسرائيل التي تعمل، منذ ستين عاما، على زوال عروبة فلسطين، وزوال الفلسطينيين من السياسة والوجود.
وبالمصادفة؟ فان الولايات المتحدة نفسها هي التي تحتل العراق منذ نيسان 2003 بتواطؤ ايراني مكشوف، وبمشاركة ايرانية مباشرة في تكوين ودعم العملية السياسية الاحتلالية الطائفية الاثنية في البلد المنكوب.
الفراغ الحاصل عن الانسحاب العربي من الميدان، تملؤه، الان اسرائيل وايران، وتشتبكان في تواطؤ وصراع بين «التفريس» و«التهويد»، وبالنسبة للولايات، المتحدة فان هذا الصراع يجري، في النهاية، في نطاق سيطرتها الاستراتيجية. ايعني ذلك انه لا توجد اختلافات وخلافات جوهرية وعض اصابع بين القوى الثلاث؟ نعم. توجد – وقد تكون مدمرة – ولكنها تبقى في اطار اقتسام الغنيمة.
هل نتحالف مع امريكا واسرائيل ضد ايران؟ لا يعني ذلك سوى اننا نقدم الامة على مذبح زيادة الحصة الامريكية – الاسرائيلية. او هل نتحالف مع ايران ضد العدوان الامريكي- الاسرائيلي؟ يا ليت! ولكن الثمن كبير وفظيع… انه العراق، البلد العربي الاهم في المشرق.
* * *
العداء الايراني لاسرائيل ليس استراتيجيا. ولادراك ذلك، علينا ان نتذكر فقط، ان تدمير العراق هو الهوية الاستراتيجية الاعظم للكيان الصهيوني.
العداء الامريكي الاسرائيلي لايران ليس استراتيجيا ايضا. فالسمكة الكبيرة التي تريد طهران اصطيادها هي السمكة العراقية التي تضعها واشنطن وتل ابيب على مائدة الملالي.
احمدي نجاد – يشبّه اسرائيل- الصهيونية العنصرية الوالغة في دماء الشعوب العربية- بالاتحاد السوفياتي، الحليف التاريخي للحركة القومية العربية. وليست تلك زلة لسان غبية. فقادة طهران يحتشدون بالحقد الاسود على الاشتراكية في الماضي والحاضر والمستقبل؛ لكن الاهم ان سعادتهم بزوال الاتحاد السوفياتي ما تزال حاصرة حتى الان، وستظل… طالما ان زوال السوفييت هو، بالذات، ما اتاح لطهران ان تغدو قوة اقليمية متمدّدة.
العرب – للتذكير – حاربوا – باستماتة – حليفهم الدولي الكبير، وشاركوا – بالمال والسلاح بالايديولوجية والرجال – في اسقاطه. ثم اصبحوا، بعدها، كالايتام على موائد اللئام أمريكيين واسرائيليين وايرانيين!.
تحسّرا على الاتحاد السوفياتي؟ نعم! لكن الاهم هو البحث عن مخرج عربي من هذه الدائرة الجهنمية:
– هل يمكن ان يبتعد «المعتدلون»، مسافة، عن الولايات المتحدة واسرائيل؟
– وهل يمكن ان يبتعد «المتطرفون» مسافة، عن ايران؟
– وهل يمكن ان نجلس سوياً، ونكوّن رؤية وجبهة، ونبحث في هذا العالم الواسع عن حلفاء: روسيا، الصين، امريكا اللاتينية؟
شطحة خيالية؟ لا بأس! ولكنها الطريق الوحيدة للبقاء.