ناهض حتّر
في مسعاه لاحتواء وتفكيك توصيات لجنة بيكر – هاملتون، وخصوصا التوصية ببدء سحب القوات الامريكية من العراق، يحاول الرئيس الامريكي المحاصر – ميدانياً وسياسياً – الاستعانة بالاخوان المسلمين العراقيين.
من المعروف ان التركيبة الحالية للنظام التابع للاحتلال في العراق، تقوم على تحالف بين الائتلاف الشيعي والائتلاف الكردي، بينما يشارك ممثلون عن العرب السنّة شكليا في مناصب شرفية، منها نائب رئيس الجمهورية، الذي يشغله الاخواني طارق الهاشمي.
“الائتلاف الشيعي” تفكك سياسياً تحت ضغط التطورات، والخلافات حول الموقف من الاحتلال. وفي حين يتجه الصدريون وحزب الفضيلة واوساط من حزب الدعوة، الى التعاطي الايجابي مع توصيات بيكر – هامتلون، فان “المجلس الاعلى للثورة الاسلامية” بقيادة عبد العزيز الحكيم اصطف في الجانب الآخر، مع بوش – تشيني ومحاولتهما الحفاظ على وانجاح المشروع الامريكي في العراق.
وعلى هذه الخلفية جرى اقتراح بديل يتمثل في تشكيل ائتلاف حاكم جديد يضم، بالاضافة الى الحكيم – ممثلا من الشيعة – والطالباني والبرزاني – ممثلين عن الاكراد حزباً يمثل العرب السنة، هو الحزب الاسلامي العراقي «الاخوان» ومن المأمول، امريكياً، ان يؤدي نشوء هذا الائتلاف الى استيعاب التمرد السني، وضبط المليشيات الشيعية الطائفية، وحل المشاكل مع الاكراد، وضبط الامن والتوصل الى اخراج بوش – تشيني من عنق الزجاجة العراقية.
الائتلاف الحاكم الذي ينشئه بوش الآن، هو محور لنظام دكتاتوري يفرض على المجتمع العراقي، ممثليه، في سياق وعلى اساس المشروع الامريكي. وفرصته الوحيدة للنجاح هي باستخدام العنف بلا حدود.
غير ان هذا الترتيب الجديد سوف يفشل، حتماً، مثل كل الترتيبات الاخرى التي حاولها المحتلون الامريكيون منذ نيسان .2003
فعلى الرغم من قوة جماعة الحكيم، وامتلاكها مليشيا منظمة هي «بدر» المزروعة في الجيش والشرطة العراقيين، فان الصدام مع القوى والتنظيمات والمرجعيات والشخصيات الشيعية الاخرى، سوف ينتهي الى تحجيم الحكيم واتجاهه وانصاره.
كذلك فان «الحزب الاسلامي العراقي» هو اضعف الحلقات لدى العرب السنة، ولن يكون «الاخوان» قادرين على ادماج المحافظات المتمردة في النظام السياسي الجديد تحت الاحتلال، بالعكس. فالارجح انهم سيحترقون سياسياً. وسينتهي بهم الامر الى الاحتماء بالمنطقة الخضراء.
ومشكلة كركوك مع الاكراد، اكبر من ان يتم حلها بصفقة ثلاثية سلطوية. وهي قابلة للانفجار العنيف جداً لدى تورط الحكيم – الهاشمي في صفقة مع الطالباني والبرزاني، تؤذي مصالح العرب والتركمان.
بوش – تشيني لن يفعلا سوى تجديد المأساة العراقية، وتفويت فرصة الانسحاب من العراق، باتفاق مع الاطراف العراقية الاقليمية وهي فرصة ربما لن تكون متاحة بعد سنة من الآن.
بالمقابل – ربما تقترح هذه التطورات آفاقاً لولادة معارضة وطنية عراقية فوق طائفية، تشمل القوى الشيعية والسنية المعادية للاحتلال والمشروع الامريكي.