تحالفات جديدة؟!

ناهض حتّر
اعلن التيار الاسلامي. في نقابة الاطباء- عن قائمة كاملة للمرشحين لموقع النقيب واعضاء مجلس النقابة، قاطعين الطريق على التفاهم المعروض من قبل «القائمة الخضراء» التي تمثل التحالف القومي واليساري – وكانت المفاجأة ان القائمة البيضاء – الاسلامية- قد توصلت، بصورة سلسة، الى تحالف صريح مع التيار الليبرالي – وتحت قيادته – في مواجهة لها طابع سياسي واضح مع التيارين اليساري والقومي.
وربما يعكس هذا التطور، في الحقل النقابي اتجاهاً عاماً لنمط التحالفات الاسلامية في المرحلة المقبلة خصوصاً، اذا لاحظنا الآتي:

(1) التفاهم الحاصل بين الاسلاميين والليبراليين، داخل الجسم الطبي، فيما يتصل بخصخصة الخدمات الطبيّة، واخضاعها لشروط السوق، وقد كان ذلك طبيعياً، طالما انه لا توجد خلافات اساسية بين الفريقين في المجال الاجتماعي.

(2) الصفقة الحاصلة بين الاسلاميين – في نقابة المهندسين- وبين مراجع ليبرالية في بعض مفاصل القرار، لتفريغ القرار الحكومي الخاص بتدقيق اموال النقابة لدى «ديوان المحاسبة» من محتواه.

(3) الانقسام الحاصل بين الاسلاميين من جهة والقوميين واليساريين من جهة اخرى بشأن العراق، والذي ظهر- خصوصاً – بعد اعدام الرئيس صدام حسين، واذا كان الاسلاميون قد سايروا الموقف الشعبي ازاء هذا الحدث الاليم، فان اصرارهم على تلافي ادانة فرع الاخوان المسلمين العراقيين المشارك في النظام العراقي التابع للاحتلال الامريكي، قد اوجد شرخاً عميقاً بين الاسلاميين، وبين القوميين واليساريين.

(4) التوجيه الاستراتيجي بضرورة توخي المصالحة مع الجهات الرسمية. وفي اطار مصالحة كهذه، فان الفريق الاقرب للتيار الاسلامي من تلك الجهات، هو التيار الليبرالي.

(5) واللافت للنظر ان الاسلاميين في تحالفهم مع الليبراليين – في نقابة الاطباء- تخلوا عن مطلبهم الدائم بالاحتفاظ بموقع النقيب. وهو تنازل لم يتم لاعتبارات نقابية، بل لاعتبارات سياسية؛ اذ ان قوتهم التصويتية تسمح لهم بالتأكيد على مطلبهم ذاك.
كل هذه، بالطبع، مؤشرات أولية، نحسب انها سوف تتبلور في استراتيجية اسلامية، هدفها التوصل الى اللقاء مع السياسات الرسمية في مساحة تفاهم وتحالف، تنهي ما بدا من قطيعة بين الجانبين، وتمهد لتفكيك الهجمات المتتالية على الاسلاميين ومكتسباتهم ومواقعهم.
والاستراتيجية الاسلامية الجديدة – وعنوانها المصالحة – تحاشت التحالف مع مراكز القوى البيروقواطية لصالح مراكز القوى الليبرالية. بالنظر الى ان الاخيرة «أ» اكثر تجانسا – من الناحية الاجتماعية السياسية – مع الاسلاميين «ب» ضعف الحضور الجماهيري والسياسي لليبراليين الذين يرغبون بالحصول على قواعد شعبية جاهزة، تتمثل بالاسلاميين.
الخيار الآخر – المقترح من قبل اليساريين والقوميين – للمجابهة، لم يعد وارداً بالنسبة للاسلاميين الذين قرروا – نهائياً – تلافي المجابهات.
في رأيي ان هذا الاتجاه العام للتحالف الاسلامي – الليبرالي، قد نراه لاحقا في الانتخابات النيابية، وذلك في تفاهم يضمن للفريقين، ما يلي:

(1) زيادة حصة المقاعد النيابية للقواعد الاجتماعية الانتخابية للاسلاميين. وهو ما يحظى، ايضا، بدعم قوى دولية نافذة.

(2) تمكين مرشحين ليبراليين من الحصول على مقاعد نيابية، لا يستطيعون تحصيلها الا من خلال التحالف مع قوى لها حضور شعبي.

التياران الاسلامي والليبرالي، كلاهما براجماتيان، ويمكنهما التحالف لتشكيل قوة سياسية ممتدة من مفاصل القرار الى الشارع، واظنهما يستطيعان تجاوز الخلافات الهامشية بينهما على اساس تقاسم وظيفي، يتمكن الاسلاميون، من خلاله، التأكيد على حضورهم ودورهم وسيطرتهم على الجانب الثقافوي، بينما يحصل الليبراليون على تأييد قوة شعبية كبيرة لبرنامجهم الاقتصادي – الاجتماعي.

بالمقابل، هناك شكوك في ان يتوصل اليساريون والقوميون والمراجع البيروقراطية – المتراجعة – عن التوصل الى تفاهم لتشكيل التحالف المضاد. غير ان المفاجآت ما تزال ممكنة.0

Posted in Uncategorized.