ناهض حتّر
توقيت زيارة رئيس الوزراء عدنان بدران الى بغداد، خاطىء على كل المستويات. فحكومة ابراهيم الجعفري تشن، مدعومة من قوات الاحتلال الامريكي، حرب ابادة طائفية في «تلعفر». وهي تتوعد بتوسيع نطاق عملياتها الاجرامية الى «سامراء» و«الرمادي» و«راوه» و«القائم». وقد كانت هيئة علماء المسلمين في العراق، صريحة بوصفها لهذه الحملة بانها «تعبير عن حقد طائفي». وباعتقادنا ان هدف الحملة هو تركيع «العرب السنة» واجبارهم على القبول بمسودة الدستور/المؤامرة، وخلق ظروف تمنع المحافظات الغربية الثلاث من التصويت الكثيف ضد اقراره في الاستفتاء.
حكومة الجعفري لا تمثل الاجماع العراقي، ولا الاجماع الشيعي-الكردي، ولا حتى الاجماع الشيعي. ولذلك، فان التغطية السياسية الاردنية لهذه الحكومة، يشكل تدخلا في الشؤون العراقية الداخلية، واستعداء للقوى الاخرى واهمها المقاومة والتيارات السياسية القومية في صفوف «السنة» و«الشيعة» -التيار الصدري-.
بينما كان بدران يلتقي الجعفري، كانت تجري مذبحة في «تلعفر» على ايدي التحالف الامريكي-الصفوي، وكان وفد «العرب السنة» عائدا للتو من لقاء مع مسعود البرزاني، حاملا مسودة تسوية حول الدستور الجديد، لم يوافق عليها الجعفري او الحكيم. ومن الواضح ان الدعم الدبلوماسي الاردني للاخيرين، سوف يضعف امكانيات عقد تلك التسوية.
استراتيجية حكومة الصفويين في العراق، معادية للاردن، نظاما وشعبا وكيانا. وهي استراتيجية لا يمكن تعديلها او التفاهم معها. ينظر الصفويون الى الاردن باعتباره عمقا سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا للمحافظات الغربية العراقية. وخطتهم هي تحطيم العلاقات الاردنية-العراقية، للضغط على تلك المحافظات ومحاصرتها في اطار مشروع التقسيم الطائفي للعراق.
وهم يريدون، بالطبع، اضعاف الاردن ومحاصرته ومنعه من لعب دور عروبي ايجابي في «البوابة الشرقية للامة العربية». ولذلك، تلاحظ انهم -وبالتنسيق مع حلفائهم الامريكيين- اوقفوا المنحة النفطية التي كان قررها نظام الرئيس صدام حسين للاردن.
لن تنسى الاحقاد الصفوية، ابدا، وقفة الملك الراحل -بشرعيته الهاشمية- مع بغداد في الحرب العراقية-الايرانية؛ ولن تغفر للاردنيين، تأييدهم شبه الاجماعي للرئيس صدام.
السياسة الاردنية ازاء العراق بلا معنى، لانها تخطب ود اعداء متصلبين، بينما تخسر الحلفاء التقليديين والمحتملين، وتغامر بالمستقبل لصالح اللحظة الامريكية العابرة. انها تجعلنا مثل مصيفيّ الغور.