ناهض حتّر
في “تقدير” الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية السنوي، ان الصراع سوف يستمر بين الرئاسة الفتحاوية وحكومة حماس – بما في ذلك المواجهات المسلحة المتعددة المستويات- في العام ،2007 والذي سيشهد «تعزيز قوة حماس،» بينما يواصل حزب الله، انشغاله في عملية اعادة بناء قدراته التسليحية. وهي تسير – من دون ان يكون الحزب قادراً، بعد، على المبادرة الهجومّية – بسرعة ونجاح.
ويسلّم «التقدير» بأن الايرانيين اجتازوا الحد التكنولوجي النووي، – وربما يعلنون ذلك في شباط أو أذار المقبلين. لكن انتاج القنبلة النووية الايرانية، ليس ممكناً قبل منتصف العام ،2009 إلا اذا حصلت طهران على كمية كافية المواد المشعة بالشراء.
غير ان الملاحظات الجديرة بالانتباه، في «التقدير»، هي تلك المتعلقة بسورية التي تتبع استراتيجية معقدة من البدائل. فبينما تسعى دمشق، بصورة جدية، لاستئناف العملية السلمّية. وفك العزلة الدولية عنها، فانها تعزز منظوماتها الصاروخية البرية والصواريخ المضادة للدروع التي تشتريها من روسيا. وهي تحصل على مساعدات مالية وتسليحية ضخمة من ايران، وتتعاون معها على كافة الاصعدة بما في ذلك التنسيق الأمني والعسكري.
وعلى الرغم من ان «التقدير» يستبعد ان تشن سورية حرباً هجومية في الجولان، فانه يتوقع مبادرات سورية لتحريك الجبهة، عبر مظاهرات جماهيرية سلمية وعمليات عسكرية محدودة تقوم بها منظمات بصفة غير رسمّية.
وفي رأينا ان السوريين مضطرون فعلاً الى القيام بهكذا مبادرات – على الرغم مما تحمله من مخاطر الحرب- وهم اصبحوا اكثر ثقة بأنفسهم وسلاحهم بعد ما ظهر من نقاط ضعف في قوة اسرائيل، خلال حربها الاخيرة على لبنان.
دمشق تريد، بالطبع، التفاهم مع الولايات المتحدة، ولكن، في سياق يكفل الحدّ الادنى من المصالح السوريّة. وقد وُجد اطار لهذا السياق من خلال توصيات لجنة بيكر – هاملتون التي تشتمل على حزمة سياسية متكاملة تتعلق بالعراق والجولان ولبنان، بما في ذلك فك العزلة عن سورية، والاعتراف بدورها الاقليمي.
واذا كان هنالك الآن جملة اعتراضية تتمثل في استراتيجية بوش – تشيني المضادة، فهي تظل جملة اعتراضية فقط، لأن تلك الاستراتيجية سوف تفشل، وسوف تتم العودة الى توصيات بيكر- هاملتون في الربيع المقبل على الاكثر.
لسورية ثقل- اكبر من الظاهر- في العراق. وهي تعزّزه، بغض النظر عن تحالفها الوثيق مع ايران. وهي لن تدير ظهرها لهذا التحالف، في كل الاحوال، لكنها تسعى الى وضع يمكنها من استعادة التوازن في اطار تحالف اصبحت طهران تحتل فيه موقع القيادة. وهي صيغة مزعجة جدا بالنسبة للسوريين.
وتستطيع الدول العربية المعتدلة، مساعدتهم على الخلاص من «الصيغة»، لا من «التحالف» نفسه. وهو الذي يشكل – بالنسبة اليهم، ضمانة من الغباء التفكير بالتخلي عنها.
تمثل سورية مفصل المحور الايراني … وخروجها منه – مع تمكينها من الاحتفاظ بعلاقات ثنائية ندية مع طهران – هو شرط لا غنى عنه لاعادة بناء النظام العربي، ولكن ذلك يتطلب، اولا، تفكيك «محور الاعتدال» تحت الهيمنة الامريكية، والتوصل الى مبادرة عربية جماعية للتعامل مع الازمات المتصاعدة في المنطقة.
التفاهم مع سورية هو المدخل اللازم لنجاح التسويات الداخلية في العراق وفلسطين ولبنان… وكذلك ل¯ «تحجيم» ايران.
هذا ما اكتشفته لجنة بيكر – هاملتون، وتعترض عليه ادارة بوش – تشيني الآن… مؤقتا. ومن الافضل ان لا يضيع العرب المعتدلون، المزيد من الوقت. بالسير وراء الاوهام الاخيرة للبيت الابيض المأزوم.