أموال “الضمان الاجتماعي”.. في مهب الرياح!

ناهض حتّر
بهدوء وسرية تطرح مسودة نظام جديد لادارة اموال مؤسسة الضمان الاجتماعي.

والهدف هو الانفراد في ادارة ما يقرب من أربعة مليارات دينار أردني في مشاريع «واستثمارات» في سياق توسيع القاعدة الاجتماعية لليبرالية الجديدة الكمبرادورية، المتحكمة بالقرار الاقتصادي الأردني.

خطوة «جريئة»، تأتي في «توقيتها» بالضبط، بعد ما تم تبديد أموال الخصخصة، وأموال الخزينة، وأموال المساعدات والمنح الخارجية والقروض، في ما سمّي برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، وتأمين عطاءات وأعمال لرجال الأعمال المرتبطين بالليبرالية الجديدة، ومشروعها السياسي.

والخطوة -في ظاهرها- لا تلفت الأنظار. فهي لا تعدو كونها اقرار «نظام» جديد لاستثمار أموال المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. يصدر بمقتضى المادة «76» من قانون الضمان الاجتماعي رقم «19» لسنة .2001

ولكن هذا النظام المقترح- وبين أيدينا نسخة منه -يشطب، عملياً، ذلك القانون، ويحول المؤسسة الى هيئة للجباية والتحصيل، لا علاقة لها ب¯، ولا سيطرة على الأموال والاستثمارات التي «تملكها» المؤسسة، ولكنها لا تمارس على ادارتها والتصرف بها، اية سلطة.

فسلطة التصرف باموال واستثمارات الضمان الاجتماعي سوف تؤول، بموجب النظام الجديد المقترح، الى هيئة مستقلة هي «صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي» والذي سيتمتع (حسب المادة 3 من النظام المذكور) ب¯ «شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي واداري» أي أنه منفصل كلياً عن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. ولكنه لا يتولى استثمار أموال المؤسسة، وتناط به ادارة كافة النشاطات الاستثمارية المتعلقة بالمؤسسة»!

وهيئة ادارة «الصندوق» -حسب المادة 7- ستتألف من تسعة اعضاء: رئىس وخمسة اعضاء تعينهم الحكومة -ثلاثة منهم على الأقل من القطاع الخاص- في حين تُرِكَتْ ثلاثة مقاعد فقط «الأقلية» تسميهم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي احدهم من اصحاب العمل والثاني من ممثلي الحكومة والثالث من العمال! أيّ أن المالكين الحقيقيين لأموال الضمان «العمال» ممثلون بنسبة 1 الى .9

وسوف يكون من حق الصندوق ادارة المحفظة المالية للضمان الاجتماعي «المادة 5» على هواه بما في ذلك «القيام باية انشطة استثمارية تحقق اهدافه» وكذلك الشراكة مع القطاع الخاص،والتمويل للمشاريع ودراسات الجدوى…إلخ.

وهذا يعني، بالمحصلة، حرّية سياسية مطلقة في توجيه أموال الضمان، من دون حسيب او رقيب، لخدمة الفئات الكمبرادورية من جهة، والانفاق السياسي من جهة أخرى، وكل ذلك، على حساب مدخرات الكادحين ومستقبل الأجيال.

وتبقى لدينا، بعد، ملاحظتان: (1) ملاحظة خطورة وجود الكمبرادور في الادارة لانه يسخّر قوتها لتأمين مصالحه وتعميق ثرواته وحضوره السياسي في اكبر عملية شهدها الأردن في تاريخه (2) ملاحظة الثغرة الدستورية التي تسمح، عبر حق الادارة باصدار «الانظمة»، بانشاء مؤسسات مستقلة واقرار سياسات تمسّ حياة الاردنيين، من دون اي دور للبرلمان، تشريعاً ومراقبة.

Posted in Uncategorized.