ناهض حتّر
انتخابات مبكرة بقانون مؤقت، لا تعني سوى الاجهاض الاكيد لعملية الاصلاح السياسي المنتظرة. دعونا من هذه الاساليب التي عفى عليها الزمن! دعونا من اللجان والغرف المغلقة والقوانين المؤقتة، ولنذهب الى حوار وطني شامل: ورشات عمل متخصصة، وحوارات عامة، ومناقشات صحافية وحزبية وبرلمانية، من اجل الوصول الى قانون دائم للانتخابات العامة و«دائم» وقتا كافيا لبلورة الحياة والقوى السياسية واطلاق الديمقراطية.
الصيغة المتسربة عن حل وسط بين خليط من النظامين الفردي والنسبي، (صوت «للدائرة» وصوت «للوطن») ليست صيغة انتقالية بل ملفقة ومآلها انها ستعطي للاخوان المسلمين قوة برلمانية مضاعفة وتكرر النواب الجهويين والعشائريين (فهل هذه هي الصفقة؟) ولا تسهم في تغيير بنية البرلمان او تجديد الحياة السياسية او وضع الاسس لتجاوز الانقسام الاهلي.
لقد قدم «المنتدى الاجتماعي الاردني» -مثلا- حلا وطنيا وتنمويا وديمقراطيا لقانون انتخابات عامة، يتصف بالديمومة، ويأخذ بالاعتبار، في الآن نفسه، (1) الحفاظ على الهوية الوطنية للدولة (2) ويمثل السكان ويسمح بالتدامج التدريجي (3) ويمثل الاتجاهات السياسية (حسب احجامها الفعلية) (4) ويقدم اطارا سياسيا فاعلا للتنمية المتوازنة جغرافيا وديمغرافيا واجتماعيا.
وهذا الحل هو القائم على اعتماد مبدأ النسبية داخل المحافظة هنا، يتم اعتماد المحافظة دائرة انتخابية، ويتم الحفاظ على عدد المقاعد الاجمالي لكل دائرة/محافظة، والكوتات. ولكن الانتخابات تجرى، داخل المحافظة، على اساس النسبية الشاملة (نصف بالمئة زائد) اي ان كل قائمة تحصل على 0.6 بالمئة من الاصوات في المحافظة تحصل على مقعد نيابي. وهذا يقود الى تمثيل المحافظات، وسكانها -بغض النظر عن اصولهم،- والاتجاهات السياسية -حسب احجامها الفعلية. وهو يقوي المحافظات سياسيا، ويستقطب اليها -تدريجيا- الاستثمارات والسكان الراغبين في التفاعل السياسي الوطني، في عملية تاريخية جديدة تدرجية تنموية. وليست «انقلابية» -للاندماج الوطني.
القوائم النسبية في المحافظات سوف تحرك الحياة السياسية فيها، من الاطراف باتجاه المركز، ومن القواعد وبالتطابق مع مستويات التطور والمصالح الواقعية في كل محافظة.
يستلزم قانون كهذا الزام المقيمين في كل محافظة، الاقتراع فيها، ووقف مناقلة الاصوات، وخصوصا هجرة الناخبين من عمان الى المحافظات. هذه الهجرة تخريبية انها تمنع التشكل السياسي للعاصمة، مركز العملية السياسية الوطنية.
بالمقابل، فان الانتخاب بالقائمة النسبية على المستوى الوطني (الاردن دائرة واحدة) سوف يؤدي الى استقطاب ديمغرافي -سياسي، كالذي حدث في العراق. والجمع بين هذا الاسلوب واسلوب الانتخاب الفردي. هو تلفيق يفاقم الازمة، لانه يجمع سلبيات النظامين.
ومن النافل -اخيرا- القول ان الابقاء على اسلوب الصوت الواحد للناخب في دائرة متعددة المقاعد (وفقا للقانون الحالي) اصبح مجرد نكتة. ولا يمكن تحسينه باعتماد دوائر ذات مقعد واحد، لأن مناطق البلاد ليست متساوية من حيث تطورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.