الخوف

ناهض حتّر
بسبب سلوك مستمر يتسم بمزيج من الخوف والانتهازية – وهما، عادة، متلازمان – فقدت قوى البرلمان الحالي، صدقيتها السياسية. ومع ذلك، فربما كان هناك الكثير من العزاء لهذه القوى، طالما انها تتشارك مع 77 بالمئة من الاردنيين، في الموقف نفسه. الفارق ان النواب هم تحت الاضواء، ومطالبون – بحكم الوظيفة – باتخاذ مواقف، في حين ان المواطنين يستطيعون الاختباء.

الـ 33 بالمئة – الشجعان – لا يخافون نقد الحكومة، ولكن في الجلسات العائلية الحميمة، وربما في السهرات الخاصة. وهذا لا يعني انهم ليسوا انتهازيين! وبعضهم قد يواجه الحكومة من على منبر سياسي مع الاستعداد للتراجع السريع. والى هذا البعض بالذات تنتمي الفئة التي يخرج منها النواب والحزبيون وقادة الرأي الخ وهكذا فان السلوك السياسي للمجلس النيابي ينسجم تماماً مع السلوك السياسي على المستوى الوطني.

اكثرية الاردنيين تتمنى العيش في ظلال الديمقراطية. لكن الامنيات شيء، والعمل من اجل تحقيقها شيء آخر. يتطلب انشاء الديمقراطية، بذل بعض الجهود المثابرة، وبالطبع: تقديم بعض التضحيات والخسائر.. لكن المستعدين – فعلا – لذلك ما يزالون بالعشرات. وهذا يعني ان الاكثرية الكاثرة من شعبنا لا تنظر الى الديمقراطية كأولوية، مع انهم يطمعون بالحصول على هذه «الهدية».

بناء الديمقراطية لا يجتذب الطاقات النضالية في شعبنا، والقليل المتوفر من هذه الطاقات يذهب الى المنظمات الجهادية. اما الغضب الشعبي، فالذي يستفزه هو غلاء الاسعار وانعدام فرص العمل والصعوبات المعيشية الاخرى.

نحن، الديمقراطيين المخلصين، لا نعرف، في الغالب، مثل تلك الصعوبات. ولذلك، فلا نراها اولوية، وتمكننا حصانة حرية التعبير عن المواقف القومية، من تأكيد الذات. وهو ما يدفع ثمنه شاب متحمس، حياته.

هناك حلقة ضائعة في هذه السلسلة المفروطة ام ان مجتمعنا هو الضائع بين الانقسامات العصبية وثقافة المكاسب الذاتية .. ام هي مرحلة انتقالية، تخبىء وراء ضبابها المفاجآت؟!.

اسئلة تقلقني بلا انقطاع. ولا اجابة عليها الا في التطورات الواقعية.

بيد انني ادرك، على الاقل، ان الخوف الجماعي لا يدين الحكومات فقط، بل والمجتمعات ايضاً.

Posted in Uncategorized.