ناهض حتّردعا “المنتدى الاجتماعي الاردني” الى سلسلة من الندوات، احتفالاً بالذكرى الخمسين لالغاء المعاهدة الاردنية – البريطانية .
الندوات تبدأ مساء السبت المقبل، في مقر «المنتدى» في جبل اللويبدة، وتستمر حتى الثلاثاء، 13 اذار، يوم الذكرى المجيدة، المخصص لتكريم شيخ المناضلين الاردنيين، الدكتور يعقوب زيادين.
آمل من جمهور الحركة الوطنية، المشاركة الكثيفة في هذه النشاطات وهي أكثر من مظاهرة احتفالية بمناسبة عزيزة. انها ايضاً، لحظة مهمة لمراجعة التجربة الاردنية، في كل المجالات، وتنظيم الوعي الوطني بمساراتها ونجاحاتها واخفاقاتها.
كان الثالث عشر من آذار ،1957 ذروة نضالية، تكشفت فيها رؤى أجيال من الوطنيين الاردنيين الذين طمحوا منذ العشرينيات، الى الخلاص من الهيمنة الاستعمارية البريطانية في ظل حكومة ديمقراطية، ذات ولاية دستورية، تتشكل وفقاً لنتائج صناديق الاقتراع.
وقد اجتمعت هذه الاهداف في حكومة سليمان النابلسي التي لم تعمر طويلا، ولكنها حققت انجازات ثمينة للغاية، واصبحت حداً فاصلاً بين مرحلتين من تاريخ الاردن المعاصر، ورمزاً هادياً.
وهناك من يقلل من اهميّة ومعنى 13 آذار، بالنظر الى ما تلا من حقبة النفوذ الامريكي. غير ان ذلك النفوذ لم يكن، بين 1957 و ،1991 شاملا او تدخلياً الى الحد الذي يعرقل ولادة تجربة وطنية في التنمية الاقتصادية والمجتمعية والثقافية. فمع وصفي التل، مطلع الستينات، تم وضع الاسس لمشروع نهضوي على الطريقة الناصرية: القطاع العام، وتعميم التعليم الثانوي والجامعي، وتنمية وتحديث الريف، وتعزيز الوضع القانوني والاجتماعي للعمل والنقابات العمالية، وتطوير الخدمات العامة – لا سيما الطبية – واحياء الثقافة الشعبية في اطار الاهتمام بالشؤون الثقافية والموسيقى والغناء والمسرح.
ومن المفارقات، ان هذه التجربة النهضوية قد ادت، موضوعياً، الى تدفق دماء جديدة في شرايين الحزب الشيوعي الاردني في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، على الرغم من ان الحزب كان ممنوعاً ومجرَّماً.
على مستوى السياسة الخارجية، شهدت الفترة حتى نهاية الحرب الباردة، قرارات مستقلة، جرى اتخاذها – بغض النظر عن صحتها – وفقاً لحسابات محلية وعربية، ومنها المشاركة في حرب 67 وحرب الاستنزاف ضد اسرائيل 67 – ،1970 وحرب تشرين ،73 ورفض الالتحاق بالسادات في كامب ديفيد ،1979 وتوطيد العلاقات، تباعاً، مع نظاميّ البعث في سورية والعراق، وأخيراً، مناصرة الرئىس صدام حسين، العام 90- 1991 في مواجهة الحلف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وفي ظل القطبية الاحادية، منذ أواسط التسعينيات حيث جرى التوقيع على معاهدة وادي عربة 1994 واعتماد نهج الخصخصة،وسيطرت السياسات الليبرالية الجديدة في اولوية البزنس على المجتمع في الداخل، وأولوية التحالف مع البيت الابيض.
الا ان مرحلة الهيمنة الامريكية والليبرالية الجديدة، تؤذن بالرحيل على الصعيد العالمي، فبينما يبرز عالم متعدد الاقطاب انطلاقاً من النهضتين الصينية والروسية، نشاهد شبح الاشتراكية والسياسات الاجتماعية، يلوح في التاريخ، مرة اخرى، انطلاقاً من القارة اللاتينية.
وسيكون لهذين الاتجاهين الدوليين، تأثير هائل في التفاعلات الاقليمية – قريبا – مع رحيل آخر غازٍ امريكي عن ارض العراق.
لدينا، إذن، موعد مع تجديد النضال من أجل استقلال القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
اننا نعيش، مرة اخرى، عشية 13 آذار جديد
وسنصدح، مرة اخرى، بالغناء
«اشرب كاسك يا أردن
بعد فشل واشنطن!»
«مثلما كان رفاق زيادين يغنون في الخمسينيات!.