ناهض حتّر
بغض النظر عما قاله المعارض السوري كمال اللبواني، للامريكيين، فهو طرق بابهم وعرض خدماته على الاستعمار الامريكي، كأداة ضد وطنه، فليس اللبواني او«المعارضة السورية» من يقرر الاستراتيجية الامريكية ازاء كيفية اسقاط النظام السوري، ابا لعقوبات ام بالحرب، ام بالوسائل السلمية كما يريد اللبواني. فهذا شأن لا يقدره المتعاونون المحليون بل المركز «الامبراطوري» – وفق حساباته – وهذه الحسابات ترتبط بالظروف الدولية والاقليمية والقدرات والسياسة الداخلية الامريكية، ولا ترتبط برغبة الأدوات.
سوف يكون جنونا محضا ان تقوم الولايات المتحدة بغزو سورية،. فقواتها في العراق لا تكاد تكفي لحماية نفسها. وقد ارهقتها سنتان ونصف من الاشتباكات المستمرة والهجمات المثابرة للمقاومة العراقية ذات الكفاءة العسكرية الاستثنائية وربما لا تكون المقاومة السورية بالعنف نفسه، ولكنها ستكون حتما.
ليس لدى الامريكيين قوات كافية لاحتلال سورية. وهذا هو السبب الرئيسي في انهم لن يقدموا على احتلالها لكن لدى الامريكيين قدرة على قصف المواقع والمنشآت السورية بالطائرات والصواريخ وهم سيفعلون ذلك في لحظة معينة من التصعيد ضد سورية، اذا تمكنوا من تجاوز الاعتراض الروسي او اذا ما اعفاهم «الاخوان المسلمون» من هذه المهمة بتنظيم انتفاضة داخلية مسلحة.
لا يريد الامريكيون في كل الاحوال ورطة اخرى في سورية مثل ورطتهم في العراق لكنهم يريدون، حتما، اسقاط النظام السوري بوسيلة او باخرى في سياق مسعاهم الى تفكيك المنطقة وتركيبها طائفياً، بما يضمن هيمنتهم على الهلال الخصيب كله.
لكن سورية ما تزال في مأمن، اولاً: بسبب تحالفها مع روسيا التي تمكنت بالفعل من نزع انياب القرار الدولي 1636 الذي لم يطلب من دمشق سوى ما تقوم به بالفعل، وهو التعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري. ونحن نرجح ان القيادة السورية قد قررت «التعاون» حتى النهاية، وقفل هذا الملف بأي ثمن.
المؤسف ان القيادة السورية – بالمقابل – ما تزال بطيئة للغاية في قفل الملفات الداخلية: اطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتشريع المعارضة الوطنية، وتحديث الاقتصاد، ومحاربة الفساد، وتجديد الدولة السورية بمبادرة ذاتية، ونحن ننتظر بفارغ الصبر، اجراءات جريئة في هذه المجالات، تغلق الباب على اللبواني وامثاله، وتضبط ايقاع «الاخوان المسلمين» من خلال ادماجهم في العملية السياسية الوطنية.
سورية – مع حلفاء مثل روسيا والصين – ليست معزولة دولياً. وقدراتها الاقتصادية تسمح لها بالصمود. بل انها ما تزال تحتفظ بعناصر القوة الرئيسية في لبنان – والى حد ما في العراق – وهي متفاهمة مع تركيا. ويا ليتها تسعى الى تفاهم جدي مع الاردن، وتحول حملتها الدبلوماسية الى حملة سياسية على النطاق العربي. ويا ليتها – على الخصوص – ان تسرّع الخطى.. فالوقت ينفد.