ناهض حتّر
أزفت الساعة، لكي نقرأ الموازنة العامة للدولة، قراءة سياسية.
(1) موازنة العام ،2007 4.295 مليار دينار، تغطي الايرادات المحلية البالغة 3.280 مليار دينار -اي ما نسبته حوالي 79 بالمئة- منها. وهذا يعني ان المجتمع المحلي هو الذي يموّل القسم الرئيسي من النفقات العامة بذلك، نستطيع القول ان الاساس الاقتصادي للانتقال نحو الديمقراطية، قد اكتمل تقريبا، من دون ان يفرض نفسه.
ان التطورين، الاقتصادي والسياسي، الجاريين في الاردن خلال العقد الاخير، ليسا متساوقين. فبينما ترتفع نسبة التمويل المحلي للدولة بصورة مضطردة، فان نسبة المشاركة في اتخاذ القرار، ما تزال متدنية. وهذا الوضع المتناقض، يتطلب حلا لا يمكن تأجيله طويلا.
(2) المساعدات الخارجية المسجلة في موازنة ،2007 574 مليون دينار، أي ما نسبته حوالي 14 بالمئة منها (الموازنة) ولكن تأثيرها على القرار.. جوهري.
ان اجمالي «المساعدات الخارجية» يساوي او يقل عن اجمالي الارقام المتوقعة، للفترة نفسها، من الارباح الفائتة على الخزينة جراء الخصخصة – ولا سيما خصخصة قطاع الاتصالات- بل انه يساوي او يقلّ عن الارقام المؤكدة -والمتداولة- للصفقات «المختلفة» على حساب الخزينة -اذكر فقط بالربح الفائت في قضية شركة امنية-.
بالمحصلة، فان اصلاحا جديا لادارة الاقتصاد الوطني ووقف الفساد، سوف يصل بالبلد الى الاستغناء عن المساعدات الخارجية وآثارها السياسية.
(3) عجز الموازنة381، مليون دينار.. يمكن استدراكه بضبط النفقات العامة الترفية وبإصلاح النظام الضريبي على اساس تصاعدي دون المساس بالفئات الشعبية والوسطى.
الحل الممكن للبندين (2) و (3) ليس ممكنا خارج العملية الديمقراطية الفاعلة في ثلاثة اتجاهات: تحسين وضبط الادارة الحكومية، اعادة بناء نظام اقتصادي مختلط يلحظ دورا رئيسيا للقطاع العام، اجراء التسويات الاجتماعية اللازمة لاعادة توزيع الثروة، وتنشيط الفئات الوسطى وتحسين شروط «المناورة الاجتماعية» امام الفقراء.
لم تعد الديمقراطية مجرد فكرة اصلاحية لحوارات النخبة. انها، اليوم، ضرورة وطنية، اقتصادية واجتماعية واستقلالية. ولعل الاستمرار في تجاهل الاستجابة لاستحقاقات هذه الضرورة، هو المصدر الاساسي للازمات الاردنية في كل المجالات.