ناهض حتّر
هناك رفض لمضمون المنهج المطروح واساليبه وليس هناك موقف شخصي من اصحابه والمروجين
كانت هناك – وما تزال بالطبع – اشارات عديدة، متصاعدة، في الاتجاه نفسه. اولاً .. “النهج” وهو معروف بارتباطه الوثيق بمشروع « المحافظين الجدد» الحاكمين في واشنطن «للشرق الاوسط الكبير» وعنوانه: «اللا – استقرار الخلاق». وهي عملية تنطوي على تفكيك الدول والمجتمعات الى مكوناتها العائدة الى ما قبل الدولة الوطنية. واعادة تركيبها في «ديمقراطيات» زائفة، لا تسمح بتنظيم مشاركة الشعوب في القرار، ولكنها تنظم المنافسة و«الشراكة» بين الطوائف والاثنيات والمجاميع القبلية في بنيات مفككة تابعة. ولدينا مثال ساطع: «الانموذج العراقي» فبالقوة الغاشمة والقتل الجماعي والاحتلال، جرى انهاء السيادة، وحل المؤسسات الحكومية والاجهزة الامنية والجيش الوطني واشاعة الفوضى والنهب، ومن ثم بناء «ديمقراطية» لا تتخذ القرار – لان القرار هو بيد المحتلين – ولا تنظم المنافسة بين تيارات سياسية – بل بين «الشيعة» و «السنة» و «الاكراد» الخ –
وثانياً .. هناك «اصحاب النهج» وهم معروفون من قبل الاردنيين – وليسوا مكروهين لاشخاصهم وانما لافكارهم واساليبهم – وقد جاء هؤلاء في قلب تشكيلة حكومية، تمكنهم من «القرار» ولا يحد من نفوذهم وزراء ولا رئيس يتمتع برؤية مضادة او قوة مضادة، بل رئيس اقرب الى تصوراتهم.
وثالثا .. رأينا «النهج» و«اصحابه» – من داخل الحكومة وخارجها – يعلنون، صراحة، عن ضرورة «اغتنام الفرصة» في البحر الميت وعلى هامشه، في سلسلة مقالات – بيانات – نشرتها الصحافة الاردنية، وكان اقواها واصرحها ما كتبه الوزير السابق فواز الزعبي، واثنى عليه، صراحة، الوزير الحالي مروان المعشر. وفي المقال ذاك، خطة «اليبراليين الجدد» من دون قناع: تفكيك المؤسسات العامة – بما فيها الامنية – وتعديل قانون الانتخابات العامة لضمان تمثيل كامل للاجئين. واخيراً «حكومة منتخبة».
وكل ذلك، بالطبع، موضوع تحت يافطة «الديمقراطية»، ولكن، ومن دون تزويق، باعتبارها «ديمقراطية رجال الاعمال» الليبرالية الاقتصادية المتوحشة.
ورابعا.. رأينا الاجراءات. ومنها «التسهيلات» على الجسور، والغاء كل القيود على الحركة الديمغرافية من الضفة الغربية باتجاه الاردن. وكان اكثر من «150000» مواطن فلسطيني قد هاجروا الى الاردن منذ العام 2000 على الرغم من القيود المفروضة .. فما بالك وما الذي سيحدث في ظل «التسهيلات».
وخامساً – وهو الاهم – هناك التجاهل السياسي والدستوري للبرلمان. وننظر صوب العالم الديمقراطي، فنرى ان الفرنسيين صوتوا ضد الدستور الاوروبي، فاستقالت الحكومة الفرنسية، وجاءت حكومة جديدة مهمتها استعادة ثقة الفرنسيين. لكن – عندنا – تجاهل لاعلان اغلبية برلمانية ساحقة – من قائمة الموقعين الـ «49» ومن خارجها – قرارها حجب الثقة عن الحكومة .. ومع ذلك، فانها تواصل – كأن شيئاً لم يحدث!
وسادساً.. يكاد الاجماع الوطني ينعقد – من شتى المنابت والاصول والاتجاهات والفئات – على رفض «النهج» واصحابه ما عدا «الاخوان المسلمين» الذين يفقدون وزنهم جراء وقوفهم في المعسكر الخطأ..